شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الدعوى والبينات

صفحة 189 - الجزء 6

  وقال محمد والشافعي: إن كانت السلعة قائمة تحالفا وترادا البيع، وإن كانت مستهلكة ترادا على القيمة.

  وأصحابنا لم يفصلوا بين استهلاك السلعة وبقائها.

  ووجه ما ذهبنا إليه: أنهما قد اتفقا على انتقال السلعة إلى المشتري بعقد البيع واختلفا في الثمن، فما أقر به المشتري وجب، وما أنكره كان البائع فيه مدعياً والمشتري منكراً، فيجب أن تكون البينة على البائع واليمين على المشتري؛ لقوله: «البينة على المدعي».

  فإن قيل: كل واحد منهما مدع وليس مدعى عليه، فيجب أن يحلف كل واحد منهما لصاحبه.

  قيل له: المشتري ليس بمدع على وجه من الوجوه؛ لأن ما يدعيه من إنفاذ السلعة إليه بعقد بيع صحيح قد أقر به له البائع، وإنما ينكر المشتري زيادة ثمنٍ يدعيه البائع، فيجب أن يكون القول قوله. على أنه لا وجه لفسخ بيع أقر البائع والمشتري بصحته، والتحالف يؤدي إليه⁣(⁣١)، فيجب أن يكون فاسداً.

  فإن قيل: فقد وردت أخبار تقتضي ذلك، فيجب أن ينتهى إليها.

  قيل له: الأخبار المشهورة الواردة في هذا الباب ليس فيها ذكر التحالف، وإنما الخبر الذي يروى عن ابن مسعود أن النبي ÷ قال: «إذا اختلف البيعان والمبيع قائم بعينه وليس بينهما بينة فالقول ما قال البائع، أو يترادان»⁣(⁣٢).

  وروي عن ابن مسعود قال: قال رسول الله ÷: «إذا اختلف البائع والمشتري ولا شهادة بينهما استحلف البائع وكان المبتاع بالخيار: إن شاء أخذ⁣(⁣٣)


(١) أي: إلى الفسخ.

(٢) أخرجه ابن ماجه (٢/ ٧٣٧) والدارقطني في السنن (٣/ ٤١٤).

(٣) في المخطوطات: أخذها.