كتاب القضاء والأحكام
  وإن شاء ترك»(١)، فليس في شيء من ذلك يمين المشتري، وجعل الرد موقوفاً على خيار المشتري كما(٢) ينطق به ظاهر الخبر ليس يذهب إليه أحد من الفقهاء، فوجب ترك ظاهر الخبر بالإجماع، وإذا كان كذلك لم يصح الاحتجاج به، وأكثر ما فيه أن نتأوله فنقول: يجوز أن يكون المراد إذا اختلفا فقال البائع: لم أبع، وقال المشتري: قد بعت، فيكون القول قول البائع؛ إذ ليس في الخبر أن ذلك هو الحكم إذا اتفقا في وقوع العقد واختلفا في مقدار الثمن، ويكون المراد بقوله: «إن شاء أخذ المشتري» أي: أخذه بعقد جديد إن رضي(٣) به البائع، أو يترك، ومعنى قوله: «يترادان» إذا كانت السلعة في يد المشتري.
  ويقال لأبي حنيفة وأبي يوسف: قد اتفقنا على أن القول قول المشتري إذا كانت السلعة مستهلكة، فكذلك إذا كانت قائمة، والعلة أنهما اتفقا على وقوع عقد صحيح واختلفا في مقدار الثمن. على أنه قد حكي عن أكثر العلماء علماء أصحاب أبي حنيفة أن القياس هو ما قلناه؛ لكنهم تركوا القياس فيه للأثر، وإن كان المحكي عن أبي الحسن أنه كان يميل إلى أن القياس هو ما ذهبوا إليه، وشبهه(٤) بالبائع يقول: بعتك بألف، وقال الآخر: وهبته [لي]. يقال له: الفرق بينهما أنهما لم يتفقا في عقد واحد؛ لأن عقد البيع غير عقد الهبة، وهناك قد اتفقا على عقد البيع. على أن هذا لا نص فيه لأصحابنا، فلو سوينا بينهما لم يبعد، وإن كان الأقرب هو التفرقة بينهما. وعلى هذا(٥) يجب أن يجري الجواب في قول المرأة لزوجها: بعتني هذا العبد، وقال الزوج: تزوجتك عليه.
(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٥/ ٥٤٣).
(٢) في (أ، ب، ج، د): فما. وفي (هـ): فيما. ولعل ما أثبتناه الصواب.
(٣) في (أ، ج): إذ قد رضي.
(٤) في (ب، د): أنه كان يميل إلى القياس وشبهه.
(٥) في (ب، د، هـ): هذين.