شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب القضاء والأحكام

صفحة 198 - الجزء 6

  خصمه. وليس تلزم اليمين مع الشاهد الواحد؛ لأن تلك غير مجردة، وبينة المدعى عليه إذا لم تتجرد - بأن تشتمل على ذكر جهة التملك، أو سقوط الدعوى - تكون أيضاً مسموعة.

  وليس لهم أن يتعلقوا بالنتاج؛ لأن قولنا في النتاج وغيره في هذا الباب سواء.

  فإن قيل: البينتان قد تكافأتا، وازدادت قوة المدعى عليه باليد، وهذا عمدتهم.

  فيقال لهم: لسنا نسلم أن شهود المدعى عليه تكون بينة، فكيف يمكنهم الادعاء أنهما تكافأتا؟ ويقال لهم: نحن نراعي قوة البينتين إذا لم يوجب النص قبول إحداهما، فأما إذا أوجب النص قبول إحداهما فلا وجه لمراعاة القوة، وهذا كما نقول جميعاً في أحد الخصمين إذا أقام شاهدين والآخر أكثر من ذلك أنا لا نراعي قوة البينة بكثرة العدد؛ لأن النص أوجب قبول الشاهدين.

  على أن قولهم هذا يؤدي إلى أن المدعى عليه يجوز أن يعدل عما جعله الشرع حجة له - وهو اليمين - إلى البينة، وإن جعلها الشرع حجة للمدعي، وهذا فاسد.

  قال: وسواء كان المدعى فيه نتاجاً أو غير نتاج⁣(⁣١).

  ووجهه: ما قدمناه من الظواهر والعلل، أو لأن النتاج لا يوجب ملكاً، فإن الإنسان قد ينتج ملك غيره، وهذا جار مجرى⁣(⁣٢) اليد والتصرف.

  فإن قيل: روي عن النبي ÷ في رجلين تداعيا دابة فأقام كل واحد منهما بينة في أنها دابته نتجها، وأنه قضى بالدابة للذي هي في يده⁣(⁣٣).

  قيل له: ليس هاهنا لفظ عموم، وإنما هو حكاية فعل، ويجوز أن يكون النبي


(١) انظر المنتخب (٤٩٦).

(٢) لفظ شرح القاضي زيد: لأن النتاج يجري مجرى اليد.

(٣) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ٤٣٣).