شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الدعوى والبينات

صفحة 201 - الجزء 6

مسألة: [في الجدار يكون وجهه إلى أحد المتنازعين]

  قال: وإن كان وجه الجدار إلى أحدهما كان له⁣(⁣١).

  ذكر أبو بكر⁣(⁣٢) أنه قول أبي يوسف ومحمد، وقال أبو حنيفة والشافعي: لا معتبر بوجه الجدار.

  ووجه ما قلناه: أن وجه الجدار يكون وجهاً له بأن يحصل فيه مزيد تأنق وتزيين، وذلك تصرف زائد على ما سواه، فوجب أن يكون له بما له فيه من مزيد التصرف، ألا ترى أن رجلين لو اختصما في قميص وكان أحدهما لابساً له والآخر قابضاً على كمه فإنا نحكم به لمن هو لابس له كما له فيه مزيد⁣(⁣٣) التصرف؟ ألا ترى أنهما لو كانا جميعاً متعلقين بكمه حكمنا به بينهما لاستوائهما في التصرف؟ فكذلك ما اختلفنا فيه، وكذلك راكب الدابة إذا تعلق الآخر بزمامها تكون اليد للراكب دون المتعلق بزمامها، ولو كانا جميعاً متعلقين بزمامها كانت بينهما. يكشف ذلك أن العادة جارية بأن من بنى جداراً يجعل وجهه إلى حيث يليه، فكان الظاهر من حال الجدار أنه في يد من كان وجهه إليه.

  فإن قيل: اليد لا تثبت بالدلالة، وإنما تثبت بالتصرف الظاهر المشاهد.

  قيل له: المعلوم في هذا كالمشاهد، ألا ترى أنا نتفق في الزوجين إذا اختلفا⁣(⁣٤) في متاع البيت نجعل ما للنساء للمرأة، وما للرجال للزوج وإن لم نشاهدهما؟ وكذلك نتفق في الخشب المركب في الجدار يتصرفان على⁣(⁣٥) ذلك الجدار؟ فكذلك مسألتنا. وقد استدل على ذلك بما روي أن رجلين اختصما إلى النبي ÷ في خص، فبعث


(١) المنتخب (٤٩٥، ٤٩٦).

(٢) شرح مختصر الطحاوي (٨/ ٢١٤).

(٣) في (ب، د): كما قلنا فيه مزيد. وفي (هـ): كما قلنا فيه من مزيد. ولعل الصواب: لما له فيه من مزيد التصرف.

(٤) في (هـ): إذا تنازعا واختلفا.

(٥) كذا في المخطوطات.