باب القول في الشهادات
  المراد به من غير أهل دينكم، وهذا هو الظاهر؛ لأن الخطاب للمؤمنين ليس لقبيلة بعينها. على أنا لو قبلنا(١) ذلك حملنا الآية على الوجهين جميعاً فقلنا: يجوز أن يكون المراد من غير أهل دينكم من(٢) غير قبيلتكم، فيصح استدلالنا على ما بيناه.
  فإن قيل: يلزمكم بهذا أن تجيزوا شهادة الوثنية والملحدة، وأن تجيزوا شهادة اليهود على النصارى، وشهادة النصارى على اليهود.
  قيل له: كل ذلك يقتضيه الظاهر، إلا أنا نخص الوثنية والملحدة بالإجماع، ونخص شهادة اليهود على النصارى وشهادة النصارى على اليهود بما نذكره من بعد.
  فإن قيل: شهادتهم منسوخة على كل وجه بقوله ø: {مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ اَ۬لشُّهَدَآءِ}[البقرة: ٢٨١]، وقوله تعالى: {وَأَشْهِدُواْ ذَوَےْ عَدْلٖ مِّنكُمْ}[الطلاق: ٢].
  قيل له: هذا نسخ شهادتهم(٣) على المسلمين، ولم تنسخ شهادة بعضهم على بعض؛ لأن قوله: {مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ اَ۬لشُّهَدَآءِ}[البقرة: ٢٨١] وارد في المسلمين؛ لأن صدر الآية قوله: {۞يَٰأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ} ... إلى قوله: {مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ اَ۬لشُّهَدَآءِ}[البقرة: ٢٨١]، وكذلك: {وَأَشْهِدُواْ ذَوَےْ عَدْلٖ مِّنكُمْ}[الطلاق: ٢]، ورد بعد قوله ø: {يَٰأَيُّهَا اَ۬لنَّبِےٓءُ اِ۪ذَا طَلَّقْتُمُ اُ۬لنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}[الطلاق: ١]، وذلك من أحكام المسلمين، وليس في الآيتين ما يدل على نسخ شهادة الذميين بعضهم على بعض.
(١) في (ب، د، هـ): قلنا.
(٢) في (هـ): ومن.
(٣) في (أ، ج): بشهادتهم.