كتاب القضاء والأحكام
  ويدل على ذلك ما روي عن الشعبي عن جابر أن اليهود جاءوا إلى النبي ÷ برجل وامرأة منهم زنيا، فقال لهم النبي ÷: «ائتوني بأربعة منكم يشهدون» فشهد أربعة، فرجمهما النبي ÷(١).
  وروي عن عامر عن جابر أن النبي ÷ أجاز شهادة أهل الكتاب بعضهم على بعض(٢).
  وروى لنا أبو العباس الحسني بإسناده يرفعه فيما أظن إلى ابن الزبير عن جابر أن رسول الله ÷ أجاز شهادة اليهود بعضهم على بعض(٣).
  وأيضاً عند الشافعي أن شهادة أهل الأهواء جائزة - وبه قال أكثر العلماء، إلا الخطابية فإن بعضهم يشهد لبعض إذا أقسم له - وإن بلغ ذلك حداً يوجب الفسق، وكذلك الباغي، فيجب أن تجوز شهادة أهل الكتاب؛ لأن ضلالهم من طريق التدين كضلال أهل الأهواء والبغاة. وأيضاً وصية اليهودي إلى اليهودي جائزة مع ضلاله وإن كانت الوصية من شرطها الأمانة [ألا ترى أنها لا تجوز إلى الفاسق من غير تأويل؟ فكذلك الشهادة وإن كان من شرطها الأمانة](٤) والمعنى أن المبتغى في كل واحدة(٥) عدالة الأفعال.
  فإن قيل: فكيف تقولون: إنه عدل في فعله مع كفره؟
  قيل له: لا يمتنع ذلك؛ لأن معنى العدل هو الوسط الذي لا يميل، ومن كان مأموناً في فعله لا يمتنع أن يقال: إنه عدل في فعله.
  فإن قيل: كيف يكون الكافر مأموناً؟
(١) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٤/ ١٤٢) إلى قوله: يشهدون.
(٢) أخرجه ابن ماجه (٢/ ٧٩٤).
(٣) وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ٢٧٩) بإسناده عن الشعبي عن جابر.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).
(٥) في (ب، د): واحد.