شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الشهادات

صفحة 239 - الجزء 6

مسألة: [فيما تجوز فيه شهادة النساء مع الرجال]

  قال: وشهادتهن جائزة مع شهادة الرجال⁣(⁣١) في الأموال والنكاح وسائر الحقوق غير الحدود والقصاص⁣(⁣٢).

  وبه قال أبو حنيفة وأصحابه.

  قال الشافعي: لا تجوز إلا في الأموال، ولا تجزي في الوصية إلى إنسان، وتجوز في الوصية بالمال. وقول عثمان البتي مثل قولنا. وقال مالك: إنها لا تجوز في [الحدود والقصاص و]⁣(⁣٣) النكاح والطلاق والأنساب والولاء والإحصان، وتجوز في الوكالة والوصية.

  وقد مضى الكلام في جواز شهادة النساء في النكاح في كتاب النكاح، وسنذكر طرفاً منه هاهنا فنقول: قال الله ø: {وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْۖ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٞ وَامْرَأَتَٰنِ}⁣[البقرة: ٢٨١]، فاقتضى جوازها في جميع الحقوق؛ إذ لم يخصها في شيء دون شيء، وكون صدر الآية في الدين لا يوجب قصر ذلك على الدين؛ لأنا لا نوجب قصر العموم على السبب الوارد فيه، بل نجعل الحكم للفظ، وقد قال الله تعالى: {وَلَا يَأْبَ اَ۬لشُّهَدَآءُ اِ۪ذَا مَا دُعُواْۖ}⁣[البقرة: ٢٨١]، وذلك عام في الرجال والنساء، فوجب بما ذكرناه جواز شهادتهن في جميع الحقوق من الأموال وغيرها إلا حيث منع منه الدليل. وأيضاً لا خلاف أن شهادتهن مع الرجال مقبولة في الأموال، فكذلك في سائر ما اختلفنا فيه، والعلة أنه مما لا يجب سقوطه للشبهة، فيجب أن تكون شهادة النساء فيه مع الرجال مقبولة.


(١) في (أ، ج): الرجل.

(٢) الأحكام (٢/ ١٨١).

(٣) ما بين المعقوفين من مختصر اختلاف العلماء (٣/ ٣٤٥).