باب القول في الشهادات
  الرضاع مما يجوز أن يطلع عليه الرجال لغير عذر، ولأنه قال في الأحكام(١) في باب الشهادات: ولا تقبل شهادة النساء وحدهن إلا فيما لا يشهد عليه غيرهن من الاستهلال وأمراض الفروج.
  قال أيده الله: وهذا التخريج عندي صحيح على ما ذكره؛ لما نبه عليه كلام يحيى #؛ فيجب على هذا ألا تقبل فيه إلا شهادة رجلين أو رجل وامرأتين، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، وقال الشافعي: تقبل شهادة أربع نسوة. وحكي عن الأوزاعي أنها وحدها إذا شهدت بعد النكاح لم تقبل شهادتها، وإن شهدت قبل النكاح(٢) جازت شهادتها.
  والأصل في ذلك: أنه يجوز أن يطلع(٣) عليه الرجال؛ لأن ذوي المحارم منهم يجوز لهم أن ينظروا إلى ثديهن، والأجانب أيضاً يجوز لهم أن ينظروا إلى الثدي إذا غطته المرأة بثوب سوى الحلمة التي تكون في فم الصبي؛ لأن فمه قد غطاها، فأشبه سائر الحقوق التي يجوز أن يطلع عليها الرجال من البيع والإجارة والقرض ونحوه في أنه لا تقبل فيه شهادة النساء وحدهن، والعلة أنه مما يطلع عليه الرجال. وأيضاً هو مما تثبت به الحرمة، فلا تجوز فيه شهادة النساء منفردات كالنكاح.
  فإن قيل: فالولادة أيضاً يجوز أن يحضرها الرجل.
  قيل له: المراد هو المعتاد، وليس في المعتاد أن الرجال يحضرون الولادة، وليس كذلك الرضاع؛ لأنه قد يرى النساء يرضعن مع الاتفاق في الطرق وغير ذلك.
(١) الأحكام (٢/ ٣٥٧).
(٢) في (ب، د، هـ): قبل أن يتزوجها.
(٣) في (أ، ج): أنه مما لا يجوز أن يطلع. وفي (ب): أنه يجوز مما يطلع. وفي (د): أنه يجوز أن يكون مما يطلع.