شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الشهادات

صفحة 246 - الجزء 6

مسألة: [في شروط جواز الشهادة على الشهادة]

  قال: وتجوز الشهادة على الشهادة إذا مات المشهود على شهادته، أو كان عليلاً أو خائفاً لا يقدر أن يأتي الحاكم، أو كان غائباً عن البلد، فإن لم يكن كذلك لم تجز الشهادة على شهادته⁣(⁣١).

  قال أبو حنيفة: لا تقبل إلا إذا كان عليلاً، أو غائباً⁣(⁣٢) إلى مسيرة ثلاثة أيام، وقال أبو يوسف ومحمد: تقبل⁣(⁣٣). وأظن قول الشافعي مثل قولنا وقول أبي حنيفة.

  ووجهه: أن الشهادة على الشهادة بدل من شهادة الأصل، بدلالة أنه لا حكم له مع حصول⁣(⁣٤) المبدل، فوجب ألا تجزي إلا مع تعذر المبدل، كالتيمم وصوم الظهار وصوم كفارة اليمين. ومما يكشف أنها بدل أنه لا يجوز استماعها مع حضور شهود الأصل مجلس الحكم، فإن مروا على ذلك فلا إشكال أنه لا يجوز استماعها والحكم بها مع قول شهود الأصل: إنا نريد أن نشهد، أو بعد وقوع شهادتهم.

  ذكر أصحابنا الخوف لأنه كالمرض في العذر، ألا ترى أن الخوف في سائر المعاذير يقوم مقام المرض؟ ولا نص لأصحابنا في مقدار الغيبة، ويمكن على أصل يحيى # أن يقال: بريد؛ لأنه عنده مدة تقصر فيه الصلاة ويكون الإنسان به مسافراً. ويقرب عندي - والله أعلم - أنه إذا كان بحيث لا يمكنه في يوم واحد أن يحضر مجلس الحاكم ويعود تجوز الشهادة على الشهادة؛ لأن ذلك إذا


(١) المنتخب (٥٢٠). قال في شرح القاضي زيد: نص # على جميعه في المنتخب، غير كونه ميتاً فإن كلامه قد دلَّ عليه.

(٢) في (أ، ج): خائفاً.

(*) لفظ مختصر الطحاوي: ولا تقبل الشهادة على الشهادة إلا على شهادة ميت أو غائب بينه وبين القاضي المسافة التي تقصر في مثلها الصلاة أو مريض لا يستطيع إتيان القاضي. (من شرح مختصر الطحاوي ٨/ ١٢٦).

(٣) لفظ مختصر اختلاف العلماء (٣/ ٣٦٣): قال أبو حنيفة والحسن بن حي: لا تقبل الشهادة على شهادة الحاضر في المصر إلا أن يكون مريضاً أو غائباً على مسيرة ثلاث. وفي قول أبي يوسف ومحمد تقبل.

(٤) في (د): حضور.