شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب القضاء والأحكام

صفحة 245 - الجزء 6

  قيل له: وما في ذلك ما يمنع من قبول شهادتهما، بل على كل شاهد أن يقصد إلى تصحيح شهادته. وعند الشافعي أن شهادة الابن لأبيه والأب لابنه لا تقبل؛ للبعضية⁣(⁣١) التي بينهما، وقد ثبت أن الابن والأب لو شهدا لإنسان بحق صحت شهادتهما وإن كان كل واحد منهما - على ما ذكروا - قاصداً لتصحيح شهادة صاحبه مع البعضية⁣(⁣٢) التي بينهما. على أنه لا خلاف بيننا وبين الشافعي في الحكم بالشاهد واليمين، ولا شك أن المدعي يقصد باليمين إلى تصحيح دعواه، ومع هذا يمينه⁣(⁣٣) ثابتة، كذلك ما اختلفنا فيه.

  فإن قيل: لو شهد رجل على إقرار آخر، وشهد مع شاهد على شهادة شاهد على ذلك الإقرار - لم يصح ذلك؛ لأنه بمنزلة من شهد بحق واحد على وجهين، فكذلك إذا شهدا على شهادة أحد الشاهدين لم يجز أن يشهدا على شهادة آخر إن كان الحق واحداً.

  قيل له: هذا ينتقض بشهادة رجلين على إقرار⁣(⁣٤) رجلين بحق واحد. وقد فرق بينهما بأن قيل: إنا لو جوزنا ذلك لكنا جعلنا شاهداً واحداً أصلاً بدلاً؛ لأنه إذا شهد على الإقرار كان أصلاً، وإذا شهد على شهادة شاهد على الإقرار صار بدلاً، ولا يجوز في شيء واحد أن يكون أصلاً بدلاً، كما لا يجوز ذلك في التيمم وصوم الظهار وصوم الكفارة. وهذا فيه بعض النظر؛ لأنه صار أصلاً في أمر وبدلاً في آخر، وهذه المسألة غير محفوظة عن أصحابنا⁣(⁣٥)، وليس يبعد المرور على جواز ذلك إن لم يكن خلاف الإجماع، وإن صح أنه إجماع فلا ضير أن نسلمه للإجماع ونقول: إنه خلاف القياس.


(١) في (هـ): للتعصبة.

(٢) في (هـ): التعصبة.

(٣) في (أ، ج): قيمته. وهو تصحيف.

(٤) في (ب، د، هـ): شهادة.

(٥) قال في الأزهار: لا رعي مع أصل ولو أرعاهما صاحبه.