باب القول في الشهادات
  والخط قد يشبه الخط حتى لا يغادر منه شيئاً، ولهذا نقل(١) كثير من التزويرات على الحكام والشهود وغيرهم؛ ولأن الإنسان قد يكتب الشيء لغرض وإن لم يرد أن يشهد به، وهذا مما يوجب التوقف عنه.
مسألة: [في أنه لا يجوز للرجل أن يشهد على المرأة حتى يعرفها معرفة صحيحة]
  قال: ولا يجوز للرجل أن يشهد على المرأة حتى يعرفها معرفة صحيحة بوجهها أو صوتها.
  قال في المنتخب(٢): إذا عرفها بوجه أو صوت أو غير ذلك جازت شهادته إذا أيقن، فدل جملة كلامه أنه يشير في باب الشهادة إلى حصول العلم واليقين، فإذا كان ذلك يحصل بالصوت جازت الشهادة على الصوت، ويبعد ذلك عندي أن يحصل بالصوت على الانفراد إلا أن يضامه سواه، كأن يراها متجلببة أو متنقبة وما جرى مجرى ذلك.
  ووجه ما قلناه من أن المطلوب به هو العلم قوله تعالى: {۞وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِۦ عِلْمٌۖ}[الإسراء: ٣٦]، وقوله: {وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا}[يوسف: ٨١]، على ما بيناه في المسالة التي تقدمت.
مسألة: [في الشهادة على إنسان بخط رآه الشاهد له والحكم بالخط]
  قال: ومن شهد على إنسان بخط رآه له كانت شهادته باطلة، وليس للحاكم أيضاً أن يحكم بالخط(٣).
  أما الشهادة على الإنسان بخط له رآه فلا أحفظ فيه خلافاً في أنه لا يجوز، إلا ما حكي عن مالك، حكى أبو جعفر الطحاوي(٤) عنه أنه قال: إذا شهد
(١) في (أ، ب، ج، د): نقد.
(٢) المنتخب (٥١٦) ولفظه: إذا عرفها بوجه أو بصوت أو غير ذلك جازت شهادته إذا أيقن أنه صوتها كما يوقن إذا رأى أنه وجهها.
(٣) المنتخب (٥٢٠، ٥٢١).
(٤) مختصر اختلاف العلماء (٣/ ٣٦١)، وما بين المعقوفين منه.