شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الشهادات

صفحة 251 - الجزء 6

مسألة: [في شهادة أحد الشاهدين بألف أو أنه طلق ثلاثاً والآخر بخمسمائة أو أنه طلق اثنتين]

  قال: وإذا شهد أحد الشاهدين بألف درهم والآخر بخمسمائة درهم بطلت شهادتهما، وكذلك لو شهد أحدهما أنه طلق ثلاثاً والآخر أنه طلق اثنتين بطلت شهادتهما⁣(⁣١).

  وبه قال أبو حنيفة.

  قال أبو يوسف ومحمد: يثبت الأقل الذي اتفقا عليه.

  ووجه قولنا: أن الشهادة يعتبر فيها اللفظ لا خلاف فيه، ألا ترى أنه لو قال: أعلم أن له على هذا كذا من الحق، أو قال: أخبر - لم يكن ذلك شهادة حتى يقول: أشهد؟ فإذا ثبت أن اللفظ فيها معتبر وثبت أنهما اختلفا في اللفظ - لأن لفظ الألف لا يوافق لفظ خمسمائة - وجب أن تبطل شهادتهما، كما أن أحدهما لو شهد بألف قرض والآخر بألف غصب لم تثبت شهادتهما لاختلاف اللفظ، وكذلك لو شهد أحدهما بألف من ثمن سلعة والآخر بإقراره بألف، وهذا هو الوجه إذا شهد أحدهما بتطليقة والآخر بثلاث تطليقات.

  قال: والأصح عندي ما ذهب إليه أبو يوسف من ثبوت الأقل؛ لأن اختلاف اللفظ إذا لم يؤثر في المعنى لم تبطل الشهادة، ألا ترى أن أحدهما لو شهد بالعربية والآخر بالفارسية لم تبطل شهادتهما؟ وهما إذا شهد أحدهما بالغصب والآخر بالقرض فذلك لم يبطل لاختلاف اللفظ، وإنما بطل لاختلاف المعنى؛ لأن القرض غير الغصب، وأحدهما شهد بغير ما شهد به الآخر. على أنه يمكن لأصحابنا أن يقولوا: إنهما قد اتفقا على ثبوت الألف عليه⁣(⁣٢)، فلم تبطل الشهادة إلا لاختلاف اللفظ. وأما الفارسية والعربية فيمكن أن يقال: [إنهما ليسا باختلاف لفظ⁣(⁣٣) في


(١) المنتخب (٥١٧، ٥١٨).

(٢) أي: إذا شهد أحدهما بألف قرض والآخر بألف غصب.

(٣) في (هـ): اللفظ.