باب القول في الشهادات
  نكرة، وعند أهل اللغة أن ذكر الشيء بلفظ النكرة مرتين يقتضي أنهما شيئان، وليس كذلك إذا ذكر بلفظ المعرفة، يدل على ذلك ما روي عن قتادة في قوله ø: {فَإِنَّ مَعَ اَ۬لْعُسْرِ يُسْراً ٥ إِنَّ مَعَ اَ۬لْعُسْرِ يُسْراٗۖ ٦}[الشرح] أنه قال: بلغنا(١) أن النبي ÷ بشر أصحابه بهذه الآية وقال: «لن يغلب عسر يسرين»(٢).
  وإنما قال ذلك لأن العسر الأول(٣) بلفظ المعرفة، واليسر بلفظ(٤) النكرة.
  وعن الحسن قال: بلغنا أن هذه الآية لما نزلت قال النبي ÷: «أتاكم اليسر»(٥).
  قال: وكانوا يقولون: لا يغلب عسر واحد يسرين اثنين.
  فإذا ثبت ذلك فيجب أن يكون قول الرجل: له علي عشرة دنانير إذا كرره عشرين ديناراً على ما بيناه. وأيضاً الظاهر من كل لفظ يطلقه الإنسان أن(٦) له معنى برأسه إذا لم يقترن بالدلالة على أن اللفظ الثاني يراد به ما أريد باللفظ الأول، ولا يجب أن يحمل ذلك على التكرار إلا بدلالة، فوجب ما قلناه.
  ووجه ما في الفنون: أنه إذا احتمل أن يكون المراد باللفظ الثاني هو المراد باللفظ الأول واحتمل أن يكون المراد به غير المراد باللفظ الأول(٧) لم يكن للحاكم أن يمضي الحكم إلا بيقين(٨)، ولا يتيقن من هذين القولين إلا عشرة واحدة، فيجب أن تكون هي الواجبة.
(١) في (أ، ج): أنه قد بلغنا. وفي (ب، د): أنه بلغنا.
(٢) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (٢٤/ ٤٩٥).
(٣) شكل في (هـ) على «الأول».
(٤) في (أ): واليسر الثاني بلفظ.
(٥) أخرجه الطبري في تفسيره (٢٤/ ٤٩٥) بلفظ: أبشروا أتاكم اليسر، لن يغلب عسر يسرين.
(٦) «أن» ساقط من (أ، ب، ج، د).
(٧) في (أ، ج): الثاني. وهو سهو من الناسخ.
(٨) في (أ، ج): باليقين.