باب القول في الشهادات
  فأما إذا ذكر وجهين مختلفين للوجوب فلا إشكال في أنه عشرون ديناراً، كأن يقول: له علي عشرة من قرض، ويقول: له علي عشرة من ثمن سلعة.
  وقال أيضاً في الفنون(١): إذا قال: له علي عشرة، وقال بعد ذلك: له علي خمسة عشر: إنه يكون خمسة وعشرين.
  ووجهه: أن اللفظين مختلفان، فلا يجب حملهما على معنى واحد.
مسألة: [فيمن قال: كل شهادة أشهد بها على فلان فهي باطلة أو ليست عندي شهادة عليه، ثم شهد عليه بعد ذلك]
  قال: ولو أن رجلاً قال: كل شهادة أشهد بها على فلان فهي باطلة، أو قال: ليست عندي شهادة عليه، ثم شهد عليه بعد ذلك جازت شهادته(٢).
  ووجهه: أن أحوال المسلمين محمولة على الصحة، والشهادة مبنية على التذكر؛ لقول الله تعالى: {اَ۬ن تَضِلَّ إِحْدَيٰهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَيٰهُمَا اَ۬لْأُخْرَيٰۖ}[البقرة: ٢٨١]، وإذا كان ذلك كذلك فغير ممتنع أن يقول ما قال من ذلك لأنه كان ناسياً للشهادة ثم تذكرها، فليس في تذكر الشهادة بعد نسيانها ما يوجب سقوطها.
  وقوله: كل شهادة أشهد بها عليه فهي باطلة معناه فهي باطلة عندي وفيما أعتقد متى حملنا حاله على السلامة. وقوله: ليست عندي شهادة أوضح في هذا الباب؛ لأنه أبين في أن المراد به أني لا أعرفها ولا أتذكرها.
  فإن قيل: يكون مكذباً لنفسه، فيجب أن تبطل شهادته.
  قيل له: إذا حمل على ما قلناه لم يكن فيه إكذاب.
  فإن قيل: لو جاز ذلك جاز أن يقر الإنسان لغيره بشيء(٣) ثم يدعيه.
(١) الفنون (٦٩٦).
(٢) المنتخب (٥١٩).
(٣) «بشيء» ساقط من (أ، ب، ج، د).