باب القول في الشهادات
  على ما بيناه، فلم يمتنع أن يجتمعا. وأيضاً لو كانت الشهادة بالشراء شهادة بالملك لكان الإقرار بالشراء إقراراً بالملك، ولو كان كذلك لكان من أقر بالشراء لا يرجع على البائع بالثمن إذا استحق المبيع؛ لأنه لو أقر بالملك للبائع كان مبطلاً في دعواه عليه الثمن(١).
مسألة: [في قول الشاهد: عرفت هذا الشيء لفلان]
  قال: وإذا(٢) قال الشاهد: كنت عرفت هذا الشيء لفلان(٣) لم يكن ذلك شهادة، وإنما يكون شهادة إذا قال: أشهد أنه كان له ولم يخرج عن ملكه بوجه من الوجوه(٤).
  لم يجعل الأول شهادة لوجهين:
  أحدهما: أن الشاهد لا بد له من إيراد لفظ الشهادة، وقوله: عرفت أو أعرف وما جرى مجراه لا يجزي في الشهادة، ولا بد من أن يقول: أشهد.
  والثاني: أنه قال: كنت عرفت ولم يكن في كلامه شهادة بأن الشيء في الحال له، فلم تكن مسموعة؛ لأن الشيء قد يكون للإنسان ثم ينتقل عنه، فلا بد من أن تتضمن شهادته أنه له في الحال.
  فأما إذا أتى باللفظ الذي ذكرناه ثانياً فلا إشكال في أنه شهادة تامة.
مسألة: [في استحلاف الشهود وتفريقهم]
  قال: وإن رأى الحاكم أن يستحلف الشهود احتياطاً جاز ذلك إن عرض له في أحوالهم عارض شك، وكذلك إن رأى تفريقهم وسماع الشهادة من كل واحد منهم منفرداً أحوط كان ذلك له، فإن اختلفت أقاويلهم أبطل شهادتهم(٥).
  أما تفريق الشهود فلا أعرف فيه خلافاً في أنه يجوز إذا رأى الحاكم ذلك
(١) في (أ، ج): اليمين. وظنن فيهما بـ: الثمن.
(٢) في (أ، ج): فإذا.
(٣) في (أ، ج): لبني فلان.
(٤) المنتخب (٥٢٣).
(٥) الأحكام (٢/ ٣٥٧، ٣٥٨).