شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الشهادات

صفحة 267 - الجزء 6

  قيل له: ليس يشبه هذا ما قلناه، وذلك أنه بالإقرار موجب للغير حقاً فلا يصح منه أن يدعيه؛ لأنه ناف لما أثبت من حق الغير، وقوله: لا شهادة لفلان عندي ليس يوجب به حقاً لأحد، فصح حمله على ما قلناه.

مسالة: [في الشهادة إذا أنكرها المشهود له]

  قال: وكل شهادة بحق لإنسان ينكرها المشهود له فهي باطلة⁣(⁣١).

  وذلك أن الشهادة إنما تسمع⁣(⁣٢) على الدعوى، فإذا كان المشهود له لا يدعي ما توجبه الشهادة بل ينكر لم تثبت الشهادة، وهذا في الشهادة التي لا تتعلق بالحسبة وكانت شهادة الحقوق محضة، ألا ترى أنه لا خلاف في شهادة من شهد بأن مملوكة أعتقها سيدها أنها تكون مسموعة وإن أنكرتها المملوكة؛ لأنها شهادة الحسبة؟ وأما الشهادة التي تتعلق بالحقوق فقط كالبيع والشراء والهبة والدين فلا تستقر إلا مع دعوى المدعي، فكيف تستقر مع إنكاره؟

مسألة: [فيمن شهد أن رجلاً اشترى من رجل داراً ثم ادعى في تلك الدار شيئاً]

  قال: ولو أن رجلاً شهد أن رجلاً اشترى من رجل داراً ثم ادعى في تلك الدار شيئاً كانت الشهادة والدعوى جميعاً ثابتتين ولم تبطل إحداهما الأخرى⁣(⁣٣).

  ووجهه: أن الشراء لا⁣(⁣٤) يوجب الملك للمشتري؛ لأنه قد يشتري من الغاصب، وقد يشتري بالشراء الفاسد ولا يحصل القبض فلا يملك، فإذا كان ذلك كذلك فلا يمتنع أن تكون الدار ملكاً له فيدعيها ويشهد بشراء من اشتراها، وتكون الفائدة أن المشتري يرجع على البائع بالثمن إذا شهد له بأنه اشتراها، فإذا كان ذلك كذلك لم يجب أن يحصل بين الدعوى والشهادة تناف


(١) ذكره في الأحكام (٢/ ٣٤٨) في العبد ينكر الشهادة بعتقه. وفي المنتخب (٥٢٠).

(٢) في (أ، ج): تستمع.

(٣) المنتخب (٥٢٢).

(٤) «لا» ساقط من (أ).