باب القول في الوكالة
  والمخبر فيه سواء، فلا وجه للفرق، ولا يحصل لقولهم: هو قائم مقام المرسل معنى سوى ما قلناه.
  ويجيء على هذه الطريقة أن الوكيل إن عمل قبل أن يبلغه خبر التوكيل كان ذلك مردوداً، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه اعتباراً بما قلناه: إن حكمي(١) الأمر والنهي لا يلزمان المأمور والمنهي قبل وصول خبرهما إليه.
مسألة: [في طلاق الوكيل بعدما عزل قبل أن يبلغه العزل]
  قال: فإن كانت الوكالة في الطلاق فطلق الوكيل بعدما عزل قبل أن يبلغه الخبر لم يقع الطلاق(٢).
  وذلك أن حكم الطلاق مخالف لحكم البيع والشراء؛ لأن الطلاق يلزم الموكل ابتداء ولا يتعلق بالوكيل، والبيع والشراء يتعلقان بالوكيل ثم ينتقلان إلى الموكل، فأمكن تشبيه الوكالة فيهما بأمر الله ø ونهيه؛ لتعلق المأمور به والمنهي عنه بالمأمور المنهي، وأيضاً ما ذكرناه من الضرر الذي يلحق الوكيل في الشراء لا يلزم الوكيل في الطلاق؛ لأن الشراء يقع للوكيل متى كان معزولاً، وليس كذلك الطلاق والنكاح؛ لأنهما لا يقعان بتة متى كان الوكيل معزولاً.
  ويجب أن يكون حكم النكاح والعتاق والصلح عن دم العمد والخلع في هذا الباب حكم الطلاق؛ لأن شيئاً من ذلك لا يتعلق بالوكيل، ولا يقع شيء من ذلك مع حصول العزل، فأما البيع والشراء والإجارة والإقالة والهبة على العوض فيجب أن تكون على ما بيناه من أن جميع ذلك يقع مع العزل حتى يبلغ الوكيل خبره.
(١) في المخطوطات: حكم.
(٢) المنتخب (٥٨٠).