شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الكفالة والحوالة

صفحة 294 - الجزء 6

  وبحصول الضمان لم يجب إسقاطه عن⁣(⁣١) الأصل عقلاً ولا شرعاً، فهو على ما كان عليه. ولأنه لم يشترط براءته، وليس في صحة ضمانه ما يبرئ صاحب الأصل، ألا ترى أن الغاصب [من الغاصب]⁣(⁣٢) يضمن المغصوب ولا يوجب ذلك سقوط الضمان عن الأصل؟ فكذلك مسألتنا، وإن كان أحدهما ضماناً بالقول والآخر ضماناً بالفعل. وفي حديث أبي قتادة أن النبي ÷ لم يصل على ميت وضع بين يديه لدينارين كانا عليه حتى ضمنهما أبو قتادة، فجعل ÷ يتوثق على أبي قتادة، يقول: «هما عليك» فكان النبي ÷ إذا لقي أبا قتادة يقول: ما صنعت بالدينارين؟ حتى قال آخر ذلك: قد قضيتهما يا رسول الله، فقال: «الآن بردت عليه جلده»⁣(⁣٣)، فدل ذلك على أن الميت لم يبرأ من الدين بالضمان حتى حصل الأداء.

  فإن قيل: لو لم يكن برئ بضمانه عنه لما صلى عليه.

  قيل له: يجوز أن يكون صلى عليه لأنه صار بمنزلة من ترك الوفاء.

  فإن قيل: فقد روي أنه قال: «هما عليك والميت منهما بريء».

  قيل له: يحتمل أن يكون أراد بريء بأدائك.

  وروى زيد بن علي عن أبيه، عن جده، عن علي $ في رجل له على رجل مال فكفل له رجل بالمال، قال: «له أن يأخذهما بالمال»⁣(⁣٤).

  وأيضاً قد ثبت أن الضمان يصح بغير إذن المضمون له، فلو قلنا: إنه يسقط الحق عن الأصل لكنا أسقطنا حقه بغير رضاه، وقال ÷: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه».


(١) في (أ، ب، ج، د): من.

(٢) ما بين المعقوفين من شرح القاضي زيد.

(٣) أخرجه الدارقطني في السنن (٤/ ٥٤، ٥٥) وأحمد في المسند (٢٢/ ٤٠٥) عن جابر.

(٤) مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٠٢).