باب القول في الكفالة والحوالة
  فإن قيل: الحق الواحد كيف يكون في ذمتين؟
  قيل له: وما الذي يمنع منه؟ على أنه لا خلاف أن للمغصوب منه أن يطالب الغاصب [أو الغاصب من الغاصب أيهما شاء إذا تلف المغصوب](١) وكذلك من مات وخلف ألفي درهم وابنين، فاقتسما، فجاء رجل فصحح بالبينة على أبيهما ألف درهم، فله أن يطالب أي الابنين شاء بألفه. وأيضاً لا خلاف أن كفالة الوجه لا تسقط المطالبة عن الأصل، فكذلك كفالة المال.
  وإذا صح بما بيناه أن المضمون عنه لم يبرأ ثبت أن لصاحب الحق الخيار بين أن يطالب الضامن وبين أن يطالب المضمون عنه.
مسألة: [في إبراء صاحب المال للضامن أو المضمون عنه]
  قال: وإن أبرأ صاحب المال الضامن برئ ولم يبرأ المضمون عنه، وإن أبرأ المضمون عنه برئ وبرئ معه الضامن(٢).
  وبه قال العلماء.
  ووجهه: أن ثبوت الحق على الضامن موقوف على ثبوته على المضمون عنه ومستند إليه، ألا ترى أنه لو لم يكن ثابتاً على المضمون عنه لم يصح ثبوته على الضامن بضمانه؟ وثبوته على المضمون عنه غير موقوف على ثبوته على الضامن، ألا ترى أنه كان ثابتاً قبل أن يضمنه الضامن، ولو لم يضمنه الضامن أيضاً كان لا يخل ذلك بثبوته؟ فإذا كان ذلك كذلك وجب أن يبرأ الضامن بإبراء صاحب الحق المضمون عنه، ولم يجب أن يبرأ المضمون عنه بإبراء الضامن. يكشف ذلك أن الضمان يجري مجرى الرهن في أنه توثقة بحق ثابت، فكما أن فك الرهن لا يوجب سقوط الحق(٣)، [وإنما سقوط الحق بالإبراء والأداء هو الذي يوجب
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د).
(٢) الأحكام (٢/ ١٠٥).
(٣) في (ب، د): الدين.