باب القول في الكفالة والحوالة
  ترى أنه لو قال: «قد أبرأت من عليه الحق على أن تضمنه» فلم يضمنه لم تقع البراءة، ومتى ضمنه وقعت البراءة. وهذا يدل على أن الحوالة(١) تصح بغير إذن المحيل إذا رضي بها المحتال(٢) والقابل للحوالة، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه؛ ولأنه لا(٣) يرجع القابل على صاحب الحق على ما تقدم بيانه، والله أعلم.
مسألة: [في الضمان المجهول]
  قال: ولو أن رجلاً قال لآخر: إن لم يوفر عليك غريمك هذا حقك يوم كذا فهو علي كان ذلك ضماناً صحيحاً على ما شرط.
  ووجهه: أن الضمان يصح مع الخطر، وعليه يدل إجازة يحيى # شركة المفاوضة؛ لأنها تتضمن ضمانات مجهولة في أوقات مجهولة على أخطار مجهولة. وبه قال أبو حنيفة وأصحابه.
  والأصل فيه: ما أجمعوا عليه من جواز ضمان الدرك؛ لأنه خطر؛ ربما استحق المبيع وربما لم يستحق، ولا يعرف أيضاً وقت الاستحقاق، فإذا ثبت ذلك مع الأخطار ثبت مع المجهول وإلى أوقات مجهولة كالطلاق والعتاق.
  وذهب أصحاب أبي حنيفة إلى أن الآجال المجهولة يجب أن يكون لها أسباب تتعلق بالمال والأداء حتى تصح، فإذا لم تتعلق لم يصح ذلك(٤)، كأن يقول: إلى أن يجيء المطر، أو تغيم السماء، أو يطير الطائر، أو ما أشبه ذلك. وليس ذلك ببعيد، والله أعلم.
  وإنما أجازوا ذلك إذا قال: إلى وقت الدياس، أو ورود القافلة، وما أشبه ذلك - لأن ذلك مما يجوز أن يتعلق به إمكان أداء المال.
(١) في (ب، د، هـ): البراءة.
(٢) في (هـ): المحال عليه.
(٣) «لا» ساقط من (ب، د).
(٤) لفظ شرح القاضي زيد نقلاً عن شرح التجريد: فإذا لم تتعلق بذلك لم تصح.