شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الكفالة والحوالة

صفحة 302 - الجزء 6

مسألة: [في أنه يعتبر في الحوالة رضا المحال لا المحال عليه]

  قال: ولو أن رجلاً كان لرجل عليه مال فأحاله على آخر، فرضي به صاحب المال كان ذلك حوالة صحيحة⁣(⁣١).

  وظاهر هذا الكلام يدل على أن الحوالة تصح بالمحيل والمحال من غير اعتبار رضا المحال عليه، وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا بد من رضا المحال عليه. واختلف أصحاب الشافعي على ما حكاه ابن أبي هريرة، فمنهم من قال: لا بد من رضا المحال عليه، ومنهم من قال: تصح بغير رضا المحال عليه، قال: وهذا هو الصحيح.

  ووجه ما قلناه: أن صاحب الحق ملك⁣(⁣٢) حقه الذي في ذمة من عليه الحق، فليس له منعه من التصرف فيه، كما أن العبد لما ملكه مالكه لم يكن له أن يمنعه من التصرف فيه ببيعه ممن شاء أو إجارته فيما شاء، وكما أن من استأجر داراً ليسكنها أو دابة ليركبها لم يكن لصاحب الدار منعه من إسكان غيره، وكذلك صاحب الدابة ليس له منعه من إركاب غيره، ولأنه لو وكل وكيلاً يقبضه منه إن شاء أو يصالحه أو يبرئه فلا خلاف أنه ليس له أن يمتنع من توفيره عليه، فكذلك المحتال؛ لأنه في هذه الأمور⁣(⁣٣) جار مجرى الوكيل. على أنه لا خلاف بيننا وبين أبي حنيفة في صاحب الحق لو وهب ما له للضامن وقبله أنه يصح، وأنه يصير حقاً للضامن يطالب به المضمون عنه، فكذلك المحتال يجب أن يثبت حقه في ذمته بغير رضاه؛ لأنه ليس أكثر من تحويله حقه الذي في ذمة غريمه إلى غيره. على أن الأصل في الحوالة قول النبي ÷: «مطل الغني ظلم، وإذا


(١) الأحكام (٢/ ١٠٦).

(٢) في (هـ): ملكه.

(٣) وهي القبض أو المصالحة أو الإبراء.