شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الكفالة والحوالة

صفحة 304 - الجزء 6

  فإن قيل: قوله ÷: «من أحيل على مليء فليحتل»⁣(⁣١) يدل على وجوب ذلك عليه، وإذا وجب أجبر عليه.

  قيل له: ليس ذلك بإيجاب، ولكنه⁣(⁣٢) إباحة؛ بالأدلة التي بيناها، وبدلالة قوله ÷: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه» فليس للمحيل أن يستحل مال صاحب الحق إلا برضاه.

  فإن قيل: فما معنى الإباحة ومن المعلوم أن للناس أن يتصرفوا في حقوقهم على التراضي؟

  قيل له: لولا الإباحة كان ذلك ممنوعاً منه؛ لما روي من نهيه عن بيع الكالئ بالكالئ؛ لأنه كان يكون بيع دين بدين.

  وتحصيل مذهب يحيى # في الحوالة أنه لا بد من رضا المحتال، ورضا أحدهما من المحيل أو المحال⁣(⁣٣) عليه، وقد مضى الكلام عليه في جميع ذلك، إلا أن المحال عليه لو التزم الحوالة ورضي المحتال بغير رضا المحيل فإنه لا يرجع على من قبل الحوالة عنه، كالضامن يقبل دون المضمون عنه، وكذلك إن كان عليه شيء كان بحاله.

فصل: [في رجوع المحتال إذا غر بأن المحال عليه غني فوجده مفلساً]

  قال في الفنون⁣(⁣٤): إن غر المحتال بأن المحال عليه غني فوجده مفلساً فله أن يرجع.

  وبه قال مالك، وحكي أيضاً عن ابن سريج.

  ووجهه: أنه رضي أن يتحول حقه من ذمة إلى ذمة، فإذا وجد فيها عيباً كان له


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٤/ ٤٨٩) وأحمد في المسند (١٦/ ٤٨).

(٢) في (هـ): وإنما هو.

(٣) في (أ، ب، ج): المحتال.

(٤) الفنون (٦٩٨).