شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الكفالة والحوالة

صفحة 303 - الجزء 6

  أحيل أحدكم على مليء فليحتل»⁣(⁣١). وفي بعض الأخبار «فليتبع»⁣(⁣٢).

  فذكر ÷ المحيل والمحتال، ولم يشترط رضا المحال عليه، فدل ذلك على أن الحوالة تصح بغير رضى المحال عليه.

  فإن قيل: لا تصح الحوالة إلا بقبول المحال عليه؛ لأنه لا يجوز للمحيل إثبات دين في ذمة المحال عليه إلا برضاه.

  قيل له: المحيل ليس يثبت في ذمته ابتداء الدين، بل الدين ثابت فيها، وإنما ينقله عن نفسه إلى غيره، وليس تحقيقه إلا تسليط المحتال عليه بالاستيفاء أو الصلح أو الإبراء أو التأجيل، وكل ذلك بينا أنه يصح لصاحب الحق التوكيل فيه، وليس بين التوكيل والحوالة فصل إلا انقطاع حق المحيل وثبوت حق الموكل، فإذا كان المطالب واجداً كان أرفق به، فكيف⁣(⁣٣) يسوغ ذلك من غير اعتبار رضاه في الأغلظ⁣(⁣٤) ولا يسوغ في الأرفق؟

  وحكي عن صاحب الظاهر أنه قال: إذا أحيل على مليء فليس له أن يمتنع⁣(⁣٥) من القبول. فكأنه أثبت الحوالة من غير رضا المحتال، وذلك لا يصح؛ لأن له ألا يبرئ الذمة التي فيها حقه ولا ينقله إلى غيرها؛ لاختلاف أحوال الذمم، كما أن من له حق في عين⁣(⁣٦) كان له أن لا⁣(⁣٧) ينقله⁣(⁣٨) إلى غيرها؛ لاختلاف أحوال الأعيان، وكذلك لا يجوز أن يكره على نقل حقه إلى بدل سواه، فكذلك إلى ذمة سواها.


(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٦/ ١١٧).

(٢) أخرجه البخاري (٣/ ٩٤) ومسلم (٣/ ١١٩٧).

(٣) في (ب): فليس.

(٤) في (ب، د، هـ): الأغلب.

(٥) في (أ، ج): يمنع.

(٦) في (أ، ج): الحق في غيره.

(٧) «لا» ساقط من (ب).

(٨) في (أ، ب، ج، د): ينقلها.