شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب القضاء والأحكام

صفحة 341 - الجزء 6

  الشافعي، قال أبو جعفر الطحاوي⁣(⁣١): يحبسه الحاكم شهراً ثم يسأل عنه.

  وقال أبو بكر الجصاص⁣(⁣٢): روى محمد [عنهم]: شهرين أو ثلاثة.

  قال: وقال محمد عن نفسه: ما بين أربعة أشهر إلى ستة أشهر، ثم يسأل عنه.

  والصحيح ما قلنا من الاعتبار بما ينكشف⁣(⁣٣) معه حاله في ظاهر الأمر دون اعتبار مقادير الأزمنة؛ لأن الغرض هو الوقوف على حاله، فمتى ظهر من حاله الإعسار في يسير الزمان كان حبسه بعد ذلك ظلماً؛ لقول الله تعالى: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٖ فَنَظِرَةٌ إِلَيٰ مَيْسُرَةٖۖ}⁣[البقرة: ٢٧٩]؛ لأن الحبس كان لاستكشاف حاله، فإذا انكشف وظهر الأمر زالت التهمة وكان محبوساً لا لغرضٍ، فيكون ظلماً.

  فإن قيل: فيجوز⁣(⁣٤) أن يكون له مال مخبوء لا يظهر ما لم يضجر، ويضجر في هذه المدة في غالب الأحوال.

  قيل له: هذا الذي قلتم لا معنى له؛ لأن من الناس من يضجر في مدة يسيرة، ومن الناس من يصبر سنة أو سنتين، بل من الناس من يحامي عن ماله ويصبر على الضرب المبرح والتعذيب⁣(⁣٥) الشديد، وإن كان فيهم من لعله يبذل طارفه وتالده تفادياً من جفوة تلحقه، فآل ما ذكرناه إلى أن اعتبار أصحاب أبي حنيفة لا معنى له، وأن الصحيح ما قلناه.

  وقوله في الفنون: إن البينة على من يدعي أنه موسر، واليمين على من يدعي الإعسار - فيجوز أن يكون أراد بذلك في الحقوق التي هي غرامات ولا يكون وصل إلى المدعى عليه مال، كالمهر، والضمان، والديات، وأروش⁣(⁣٦) الجنايات، وليس يبعد


(١) شرح مختصر الطحاوي (٣/ ١٧٨).

(٢) شرح مختصر الطحاوي (٣/ ١٧٨).

(٣) في (أ، ج): يكشف.

(٤) في (ب، د، هـ): يجوز.

(٥) في (هـ): والعذاب.

(٦) في (أ، ج): أو أرش.