شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الوديعة

صفحة 352 - الجزء 6

  حالها، وهو الصحيح، والله أعلم، لأنه بالتعدي يصير في حكم الغاصب، والغاصب لا يبرأ من الضمان ما لم يرجع المغصوب إلى صاحبه، فكذلك المتعدي في الوديعة يجب ألا يسقط ضمانه حتى يرجع الوديعة إلى صاحبها.

مسألة: [في دعوى الوديع ضياع الوديعة أو أنه قد ردها]

  قال: فإذا ادعى المستودع أنها ضاعت فالقول قوله مع يمينه⁣(⁣١).

  وهذا مما لا خلاف فيه؛ لأنه أمين، ويده فيها يد الأمانة، ولا يضمن إلا بالتعدي، والتعدي لا يثبت إلا بالبينة، والقول قوله إذا أنكر التعدي، فكذلك كان القول قوله حين⁣(⁣٢) ادعى الضياع. وهكذا يجب أن يكون القول قوله إذا ادعى أنه قد ردها على صاحبها؛ للوجه الذي بيناه، وما ذكره في الفنون⁣(⁣٣) من أنه إذا ادعى الرد على صاحبها كانت البينة عليه يحتمل أن يكون المراد به إذا كان⁣(⁣٤) جحدها ثم ادعى ردها؛ لأنه بالجحود يكون ضامناً ويصير غاصباً، فإذا ادعى ردها تكون عليه البينة كالغاصب إذا ادعى رد المغصوب على المغصوب منه، ويمكن أن يحمل ذلك على ظاهر ما أطلق، فيفصل بين أن يدعي الضياع وبين أن يدعي ردها، بأن يقال: إنه إذا ادعى ردها فقد ادعى فعلاً معيناً به خرج من حفظ الوديعة، وليس في الظاهر أنه فعل ذلك الفعل، ويقوى ذلك بقوله ø: {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَٰلَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْۖ}⁣[النساء: ٦]، فلو كان القول في الرد قوله لم يأمر الله تعالى بالإشهاد، والأصح عندي ما قلته أولاً من أن الأولى أن يكون أراد به ادعاء الرد بعد الجحود.


(١) الأحكام (٢/ ١٤٦).

(٢) في (هـ): إذا.

(٣) الفنون (٦٩٥).

(٤) في (هـ): يحتمل أنه أراد إذا كان.