باب القول في الوديعة
  وما روي أن عمر ضمن أنساً(١) فيحمل(٢) أن يكون خالف. وفي الجملة(٣) المسألة وفاق، فلا حاجة إلى الإطالة.
  فأما إذا كان تلفها بتعدٍ من المستودع فلا خلاف في أنه يضمن؛ لأنه إذا تعدى فيها صار بمنزلة الغاصب؛ لإمساكها على وجهٍ(٤) خالف به الآمر، وليس الغصب أكثر من ذلك.
مسألة: [في ذكر أمور يكون فعلها من التعدي الذي يضمن به الوديع]
  قال: ومن التعدي أن يعيرها أو يرهنها أو يستودعها غيره بغير إذن صاحبها(٥).
  وهذا أيضاً لا خلاف فيه؛ لأنه إذا أعارها أو رهنها أو استودعها غيره فقد خالف أمر صاحبها؛ لأنه تصرف فيها تصرفاً لم يأمره به صاحبها، فصار بمنزلة الغاصب، وخرجت يده أن تكون قائمة مقام يد صاحبها، فوجب أن يصير(٦) ضامناً لها كالغاصب.
مسألة: [فيمن تعدى في وديعة ثم ردها إلى موضعها ثم تلفت]
  اختلف أصحاب(٧) أبي حنيفة والشافعي فيمن تعدى في وديعةٍ ثم ردها إلى موضعها ثم تلفت، قال أبو حنيفة: يسقط الضمان عنه بالرد لها إلى موضعها، وقال الشافعي: لا يسقط عنه الضمان. وظاهر قول يحيى # يدل على أن الضمان لا يسقط؛ لأنه ألزم الضمان بالتعدي ولم يشترط سقوطه بإعادتها إلى
(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٤٧٣).
(٢) في (هـ): فيحتمل.
(٣) في (أ، ج): جملة.
(٤) في (هـ): لإمساكه لها على وجه.
(٥) الأحكام (٢/ ١٤٦).
(٦) في (هـ): يكون.
(٧) كذا في المخطوطات، ثم ذكر الخلاف بين أبي حنيفة والشافعي.