شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الوديعة

صفحة 354 - الجزء 6

  وإنما قلنا ذلك لأن المودع مأمور بحفظ الوديعة على ما جرت العادة به من حفظ الرجل ماله، والمعلوم أن الإنسان يحفظ مال نفسه بأهله وولده وثقاته في منزله، فيجب أن يكون ذلك حكم الوديعة.

  ومعنى قوله: «منزله الذي يسكنه» أن يبين أن⁣(⁣١) الغرض ليس هو أن يكون المنزل ملكاً له؛ لأن المنزل الذي يملكه لو أجره غيره أو جعل سكناه لغيره لم يكن له أن يحفظ الوديعة فيه، ولو كان هو في منزل غيره بالإجارة أو نحوها جاز له أن يحفظ⁣(⁣٢) فيه، فصار الاعتبار بالسكنى.

  قال: وإن دفعها إلى بعض هؤلاء ليحفظها في غير منزله الذي يسكنه فتلفت ضمنها⁣(⁣٣).

  وذلك لأنه يصير بمنزلة من أودعها غيره، ولا خلاف أن المودع ليس له أن يودع غيره، وأن ذلك تعدٍ منه.

مسألة: [في السفر بالوديعة]

  قال: وإن سافر بها ضمنها⁣(⁣٤).

  وقيل: إنه ظاهر قول⁣(⁣٥) الشافعي، وفرق أصحابه بين السفر المخوف والمأمون. وقال أبو حنيفة: لا يضمن.

  ووجه التضمين: أن الظاهر من أحوال الناس وعاداتهم أنهم إذا أودعوا عند إنسان شيئاً أودعوه على أن يحفظ⁣(⁣٦) محتاطاً احتياط مثله، والاحتياط فيها هو حفظها في المصر؛ لأن السفر لا يسلم من بعض التغرير. وأيضاً العادة جارية في


(١) «أن» ساقط من (أ، ج).

(٢) في (أ، ب، ج، د): يحفظه.

(٣) المنتخب (٥٢٤).

(٤) المنتخب (٥٢٤، ٥٢٥).

(٥) في (ب، د، هـ): إنه أحد قولي.

(٦) في (هـ): يحفظه.