شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الوديعة

صفحة 355 - الجزء 6

  الودائع أنها تحفظ في موضع المودع، وأن ذلك يكون مراد صاحب الوديعة، فصار ذلك كالمنطوق به.

  فإن قيل: فإنه أمره بالحفظ على الإطلاق، فله أن يحفظها أين شاء من سفر أو حضر.

  قيل له: العادة قد خصت هذا الإطلاق كما خصت الحفظ على يد صديقه في غير منزله، ألا ترى أن له حفظها في منزله على يد أهله؛ لأن العادة لم تخص هذا، وخصت الحفظ على يد صديقه؟ فكذلك العادة قد خصت الحفظ في السفر، فمتى سافر بها ضمن. على أن أبا يوسف ومحمداً فصلا بين أن يكون للوديعة مؤنة في حملها وبين ألا يكون، وقالوا: يضمن إن كان لحملها مؤنة، ولا يضمن إن لم يكن لحملها مؤنة. ولا يجب أن يكون بينهما فرق، ونحن نحمل ما لا مؤنة لحمله على ما لحمله مؤنة في التضمين ونقيسه عليه.

  ومن أصحاب الشافعي من يفرق بين السفر المخوف وغير المخوف، وما ذكرنا من العادة يوجب ألا فصل بينهما.

  قال: إلا أن يكون صاحب الوديعة أذن له أن يعمل فيها برأيه من إيداعها لغيره أو المسافرة⁣(⁣١) بها وغير ذلك⁣(⁣٢).

  وهذا كما قال؛ لأن صاحب الوديعة إذا أذن له في ذلك فقد زال التخصيص الذي أوجبته العادة وجعل الحكم للإطلاق.


(١) في (أ، ب، ج، د): للمسافرة.

(٢) المنتخب (٥٢٥).