شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الوديعة

صفحة 356 - الجزء 6

مسألة: [في ربح ما اشتراه المودع بالوديعة]

  قال: وإذا اشترى المودع بالوديعة بضاعة فربح فيها كان الربح لصاحب المال إن رضي به، وللمشتري أجرة مثله⁣(⁣١)، وإن لم يرض به كان لبيت مال المسلمين.

  وذلك أنه إذا رضي به كان الشراء له، فوجب أن يكون الربح له، وينظر فيه: فإن كان رضي به قبل الشراء جرى ذلك مجرى التوكيل له، وإن كان رضي به بعد الشراء انتقل الشراء إليه عندنا، ألا ترى أنه يوقف الشراء كما يوقف البيع؟ وأما الأجرة فإنها تجب بسببين⁣(⁣٢):

  أحدهما: أن يكون أمره به قبل الشراء ورضي به.

  والثاني: أن يكون المودع المتصرف ممن يعمل ذلك بالأجرة حتى يجري ذلك مجرى تسليم الثوب إلى الخياط وأمره بخياطته، فإنه تجب فيه الأجرة.

  فأما إن حصل الرضا بعد الشراء فلا أجرة للمشتري؛ لأنه يكون متبرعاً فيما فعل، وكذلك إن لم تكن له عادة في أنه⁣(⁣٣) يعمل مثل ذلك بالأجرة لم يستحق شيئاً؛ لأنه يكون متبرعاً فيما يعمل مثل ذلك بالأجرة، نحو أن يستعين إنسان برجل في أمر له فإنه لا يستحق الأجرة - أعني المعين - ويكون متبرعاً.

  فأما إن اشتراه بغير إذنه ولم يرض [به فإنه يجب أن يصرفه إلى بيت مال المسلمين؛ لأنه ملكه بوجهٍ]⁣(⁣٤) محظورٍ، كما قلنا ذلك في غير موضع من نظائره، هذا على رواية الأحكام⁣(⁣٥)، وقال في المنتخب: يكون الربح للمشتري، كأنه جعل للمشتري ملكاً بالشراء، فجعل له الربح.


(١) المنتخب (٥٢٥، ٥٢٦).

(٢) في (ب، د، هـ): بشيئين.

(٣) في (ب، د، هـ): أن.

(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د، هـ) وفيها: ولم يرض فهو محظور.

(٥) الأحكام (٢/ ٣٤، ٣٥).