كتاب القضاء والأحكام
  والاكتساب للأجر بذلك، وقوله: «كلها» يحتمل أن يكون الراوي سمع سائر الألفاظ فروى على المعنى الذي تصوره؛ لأن لفظة: «كلها» قليل.
  وحكي نحو قولنا عن الأوزاعي والليث في المال العظيم، قال الأوزاعي: ما كان مالاً عظيماً جعله في بيت مال المسلمين، وقال الليث: إن كان ما التقط شيئاً كثيراً فأحب إلي أن يستبقيها(١)، حكى ذلك عنهما الطحاوي(٢). وأصحابنا لم يفصلوا بين القليل والكثير.
  ومن طريق النظر هي مال أخذه متبرعاً ليحفظه على صاحبه، فيجب ألا يجوز له استهلاكه؛ دليله الوديعة. ولا خلاف أنها في يد الملتقط أمانة لصاحبها، فلا يجوز له استهلاكها، دليله مال اليتيم في يد الوصي. ويدل عليه قول الله ø: {۞إِنَّ اَ۬للَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ اُ۬لْأَمَٰنَٰتِ إِلَيٰ أَهْلِهَا}[النساء: ٥٧]، وقوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُواْ أَمْوَٰلَكُم بَيْنَكُم بِالْبَٰطِلِ}[البقرة: ١٨٧].
  وقلنا: إنه إن أتلفها ضمنها لصاحبها إذا طلبها لأنه لا خلاف فيها(٣)؛ ولأن الأخبار الواردة في هذا الباب تنطق أن صاحبها إذا جاء خير بين الأجر والضمان، فدلت على أنه إن اختار التضمين ضمنها الملتقط المتلف لها.
  قال: وإن تلفت بجناية غيره ضمنه إياها، وكان غرمها عنده بمنزلتها(٤).
  وهذا صحيح أيضاً؛ إذ لا خلاف أنه أولى بحفظها وتغريم من أتلفها(٥)، وأن سبيل الغرامة سبيل الأصل.
(١) في (أ، ج): يستيقنها.
(٢) مختصر اختلاف العلماء (٤/ ٣٣٦).
(٣) كذا في المخطوطات.
(٤) الأحكام (٢/ ١٤٨).
(٥) في (أ، ج): ينقلها.