شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب القضاء والأحكام

صفحة 365 - الجزء 6

  حولاً» فعرفتها، ثم أتيته فقال: «عرفها حولاً»⁣(⁣١)، ألا ترى أنه أمر بتعريفها ثلاث سنين؟

  وروي عن عمر بن عبدالله بن يعلى، عن جدته حكيمة، عن أبيها قال: قال رسول الله ÷: «من التقط لقطة يسيرة - درهماً أو حبلاً، أو ما أشبه ذلك - فليعرفه ثلاثة أيام، فإذا كان فوق ذلك فليعرفه ستة أيام»⁣(⁣٢).

  وروي عن زيد بن صوحان قال: وجدت قلادة في طريق مكة، فأتيت بها عمر، فذكرت له، فقال: عرفها أشهراً، فإن وجدت صاحبها وإلا ضعها في بيت مال المسلمين.

  فدلت هذه الأخبار على أنه ليس للتعريف حد مقطوع، وأنه بحسب الرأي والغالب في الظن احتياطاً⁣(⁣٣) لصاحب اللقطة والضالة، وإنما قصر بهذه المدة⁣(⁣٤) من ثلاث سنين إلى ثلاثة أيام لأن الإنسان لا يمكنه طول عمره أن يكون مشغولاً بالتعريف. وقول عمر: ضعها في بيت مال المسلمين يدل على وجوب حفظها بعد التعريف كما قلنا.

  فإن قيل: فقد روي: «استنفع بها»، وروي: «شأنك بها»⁣(⁣٥)، وروي: «هي لك»، وروي: «كلها».

  قيل له: أكثر الأخبار على لفظ الاستنفاع، وقد بينا أنه يجوز أن يكون أراد به اكتساب الأجر بحفظها، وقوله: «شأنك بها» أي: بحفظها، كأن يحثه على ذلك، وقوله: «هي لك» يجوز أن يكون معناه حكمها لك في التعريف


(١) أخرجه البخاري (٣/ ١٢٦) ومسلم (٣/ ١٣٥٠).

(٢) أخرجه أحمد في المسند (٢٩/ ١٠٩) والبيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٣٢٣) وضعفه.

(٣) في (أ، ب، ج، د): احتياط.

(٤) في (ب، د): وإنما قصر به على هذه المدة. وفي (هـ): وإنما قَصَرتْه على هذه.

(٥) هو في حديث زيد بن خالد الجهني المتقدم.