شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الضوال واللقط

صفحة 373 - الجزء 6

  خرجنا حاجين فأصبت سوطاً فأخذته، فقال زيد بن صوحان: دعه، فقلت: لا أدعه، لآخذنه فلأستنفعن به⁣(⁣١)، ولم يرو أن أحداً أنكر قوله: دعه، فجرى ذلك مجرى الإجماع.

مسألة: [في حكم اللقيط واللقيطة]

  إذا التقط الإنسان اللقيط أو اللقيطة فكبرا عنده لم يجز له بيعهما ولا هبتهما، وهما حران⁣(⁣٢).

  لا خلاف في أن اللقيط حر، وذلك أن الأصل في الآدميين الحرية؛ لأن الرق يكون لسبب طارئ، فيجب أن يحمل على الأصل، وألا يثبت الحكم الذي من شأنه أن يكون طارئاً إلا بالبينة، وروي عن أمير المؤمنين علي # في امرأة باعت لقيطة أنه قال: (لا حق لك فيها) وأنه حكم عليها للمشتري بما أعطاها من الثمن، وقضى للقيطة على المشتري إذا كان وطئها بمهر مثلها. فدل ذلك على صحة ما قلناه من أن حكمها في الظاهر حكم الأحرار، وروى زيد بن علي عن أبيه، عن جده، عن علي $ أنه قال: (اللقيط حر)⁣(⁣٣).

مسألة: [في رجوع الملتقط على اللقيط واللقيطة بما أنفق عليهما]

  قال: وما أنفق عليهما من نفقة لم يرجع به عليهما، وكان متبرعاً بها⁣(⁣٤).

  اعلم أنه نص في الضالة أنه يرجع على صاحبها بما أنفق عليها، وقد مضى الكلام فيه، وقال في هذا الموضع: لا يرجع عليهما، والذي عندي أنه لم يرد الفصل بين الإنفاق على الضالة وبين الإنفاق على اللقيط، والأمر فيهما على سواء، وإنما قال ما قال من ذلك في الضالة إذا قصد بالإنفاق الاعتياض عنه


(١) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٤/ ١٣٧).

(٢) الأحكام (٢/ ١٤٨).

(٣) مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٠١).

(٤) الأحكام (٢/ ١٤٨).