شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في صيد الماء

صفحة 389 - الجزء 6

  يجده يتحرك، وما وجده في ساحل البحر إلا أن يدركه متحركاً⁣(⁣١). وعلى هذا يحمل ما روي عن النبي ÷ من قوله: «ما ألقى البحر أو جزر عنه فكله»؛ لأن المعنى ما ألقى البحر أو جزر عنه وهو حي.

  فإن استدلوا بقوله ø: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ اُ۬لْبَحْرِ وَطَعَامُهُۥۖ مَتَٰعاٗ لَّكُمْ [وَلِلسَّيَّارَةِۖ]⁣(⁣٢)}⁣[المائدة: ٩٨].

  قيل⁣(⁣٣) لهم: يحتمل أن يكون ما يصطاد من البحر هو المراد، والميت فيه لا يصطاد، فهو⁣(⁣٤) أولى؛ لأن حقيقة الصيد هو فعل الصائد. على أن الخبر خاص، وعليه⁣(⁣٥) يبنى العام عندنا وعند الشافعي، فصار استدلالنا أولى، وكل ما ذكروا من العمومات نحو قوله: «أحلت لنا ميتتان» وقوله في البحر: «هو الطهور ماؤه، والحل ميتته» نخصه بخبرنا، ونستدل بقوله ø: {۞حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ اُ۬لْمَيْتَةُ}⁣[المائدة: ٤]، وبأنه رأي أهل البيت $ لا أعرف بينهم فيه خلافاً، وذلك عندنا حجة.

  فإن قاسوه على ما ليس بطافٍ عورض قياسهم بقياسه على الدواجن في أنها لا تحل متى لم يكن موتها بوجه مخصوص، والعلة أنها مما أبيح أكله للمحرم. ولا يلزم عليه الجراد؛ لأنه لا يجوز أكله للمحرم. على أن علتهم يدفعها النص. والأصول شاهدة لنا؛ لأن الحيوان لا يحل أكلها إلا أن يكون خروج الروح منها بأمر مخصوص.

  فإن قيل: روي أن نفراً من الصحابة نزلوا بقرب البحر، وأن البحر ألقى


(١) أمالي أحمد بن عيسى (٤/ ٢٧٦).

(٢) ما بين المعقوفين من (هـ).

(٣) في (أ، ج): يقال.

(٤) في (هـ): وهو.

(٥) في (ب، د، هـ): وهو عليه.