شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في صيد الماء

صفحة 388 - الجزء 6

باب القول في صيد الماء

  ذكاة الحيتان أخذها حية، فأما ما وجد منها طافياً أو قذف به البحر ميتاً فلا خير فيه⁣(⁣١).

  اعلم أن قوله: «ذكاة» ليس يريد [به]⁣(⁣٢) حقيقة التذكية؛ لتنصيصه على جواز أكل الحيتان التي يصطادها الكفار، ولو كان الأخذ ذكاة لم يحل أكل ما اصطادوه، وإنما المراد به السبب الذي إذا مات به جاز أكله.

  وتحصيل مذهبه أنه يجوز أكله إذا فارق الماء ثم مات، أو كان موته في الماء بسبب كان ممن اصطاده.

  فأما الطافي ففيه اختلاف، ذهب أصحاب أبي حنيفة إلى أنه لا يجوز أكله، وهو قول أمير المؤمنين علي #(⁣٣)، وقال الشافعي: يجوز أكله، وروي جواز أكله عن أبي بكر⁣(⁣٤).

  والأصل فيه: حديث أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله ÷: «ما ألقى البحر أو جزر عنه فكله فلا بأس به، وما وجدته طافياً فلا تأكله»⁣(⁣٥).

  فإن قيل: رواه الثوري وحماد بن سلمة موقوفاً على⁣(⁣٦) جابر.

  قيل له: يجوز أن يكون جابر أفتاه مرة ورواه عن رسول الله ÷ أخرى، وليس في ذلك تناف، وأيضاً روى محمد بن منصور بإسناده عن زيد بن علي، عن آبائه عن علي $ أنه كان يكره الطافي على الماء، وما نضب عنه [الماء] إلا أن


(١) الأحكام (٢/ ٢٩٧).

(٢) ما بين المعقوفين من شرح القاضي زيد.

(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٤/ ٢٤٨).

(٤) أخرجه الدارقطني في السنن (٥/ ٤٨٧).

(٥) أخرج نحوه أبو داود (٢/ ٥٦٥) وابن ماجه (٢/ ١٠٨١).

(٦) في المخطوطات: عن.