شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما اصطيد بالرمي

صفحة 395 - الجزء 6

  والأصل فيه قوله ø: {وَالْمُتَرَدِّيَةُ}⁣[المائدة: ٤]، وهذا متردٍ، فوجب ألا يحل أكله؛ وأيضاً جائز أن يموت من التردي وجائز أن يموت من الرمي، [وما قتله الرمي أكله مباح]⁣(⁣١)، وما قتله التردي فأكله محظور، فلما اجتمع فيه وجه الحظر والإباحة وجب أن يغلب الحظر، كما قلنا فيما اشترك فيه الكلب المعلم وغير المعلم.

  قال: وكذلك إن وقع في الماء بعد الرمي لم يستحب أكله⁣(⁣٢).

  وهذا أيضاً معناه لا يجوز، نص في المنتخب على أنه لا يحل أكله، وهذا إذا مات في الماء، روي عن عدي بن حاتم عن النبي ÷: «إذا وقعت رَمِيَّتُك في الماء فلا تأكل»⁣(⁣٣).

  ووجهه ما تقدم، فلا غرض في إعادته.

  قال القاسم #: إذا وقع في الماء بعد الذبح وفري الأوداج جاز أكله.

  وذلك أنه إذا ذبح وفرى الأوداج فقد قتله، ولم يبق فيه إلا الاضطراب، ومعلوم أن المذبوح لا يسلم من ذلك، بل يموت لا محالة، وليس كذلك الغرق؛ لأن الغريق قد يسلم من الغرق، فلما اجتمع له الغرق والذبح كان الحكم للذبح؛ لأنه قاتل لا محالة، ولم يكن للغرق معه حكم؛ لأنه يجوز أن يسلم منه، ألا ترى أن من ذبح رجلاً إلى القفا ثم جاء آخر فطعنه فإن القاتل هو الذابح دون الطاعن؛ لأن الذابح قد عمل ما لا بد أن يموت منه، والطعن قد يسلم منه؟ فكذلك مسألتنا.


(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د، هـ).

(٢) الأحكام (٢/ ٢٩٩) والمنتخب (٢٢٣). ولفظ المنتخب: لا يحل أكله.

(٣) أخرجه أحمد في المسند (٣٢/ ١٢٢) وأخرج نحوه البخاري (٧/ ٨٧) ومسلم (٣/ ١٥٣٢).