باب القول فيما اصطيد بالرمي
  وكذلك لو أدماه ولم يخرقه فيجب(١) ألا يجوز أكله؛ لأنه اشترط أنه يكون غرسه فيه، وذلك قوله ÷: «ما خرق فكل»، ولأن الضرب بالعصا قد يدمي الموقوذة ولا يحل أكلها. والذي يجيء على هذا أن ما قتله الكلب بالصدم أو بأن يقع عليه فيقتله بثقله ويمنعه التنفس فيجب ألا يجوز أكله، وبه قال أبو حنيفة، والشافعي له فيه قولان كما قيل عنه، وذلك أن جميع ذلك يكون من الموقوذة، وقد قال الله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ اَ۬لْجَوَارِحِ}[المائدة: ٥]، وقيل: إن الجوارح مأخوذ من الجرح، فلا يحل أكل فريسته ما لم يجرح، وكذلك ما قتل الكلب يجب ألا يؤكل ما لم(٢) يجرحه الكلب.
  قال: وكل ما قتل بحديد يعمل عمل السهم من الإدماء جاز أكله.
  والمراد به أن كل شيء [قتل بما] لا يجرح ولا يدمي فلا يجوز أكله، وما [قتل بما] جرح وأجرى الدم يجوز أكله على ما بيناه.
مسألة: [في الصيد إذا رمي في الجبل فتردى منه فمات وما وقع في الماء بعد الرمي]
  قال: ولو أن إنساناً رمى صيداً في الجبل فتردى منه فمات فلا يستحب له أكله.
  قال في الأحكام(٣): إذا رمى الصيد في الجبل فتردى منه ومات فلا أرى أكله. فكان في معنى قوله: لا يستحب أكله أنه لا يجوز أكله، لا على معنى أنه يجوز والعدول عنه أفضل، وذلك إذا رمي بسهم فوقع على الجبل أو على شيء مرتفع من سطح أو تل ثم تردى بعد ذلك فإنه لا يجوز أكله، فإن وقع على الجبل أو غيره وثبت عليه إلى أن مات جاز أكله؛ لأن ذلك لا بد منه؛ ولأنه سبب أوجبه الرمي، وليس كذلك إذا تردى بعد ذلك؛ لأن التردي يكون بأمر سوى الرمي. وبه قال أبو حنيفة وأصحابه والشافعي.
(١) في (ب، د، هـ): فوجب.
(٢) في (هـ): لا.
(٣) الأحكام (٢/ ٢٩٩) وذكره في المنتخب (٢٢٣).