شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الذبائح

صفحة 399 - الجزء 6

مسألة: [في ذبيحة الأخرس والآبق والأغلف والفاسق]

  قال: ولا بأس بذبيحة الأخرس والعبد الآبق والأغلف، وكل من لم يبلغ فسقه الكفر فلا بأس بذبيحته⁣(⁣١).

  أما الأخرس فأكثر ما فيه أنه لا تمكنه التسمية، وقد ثبت أن من نسيها على الذبيحة يجوز أكل ذبيحته، والأخرس أبين عذراً من الناسي، ألا ترى أن من نسي القراءة في الصلاة لم تجز صلاته، وصلاة الأخرس جائزة؟ فوجب جواز أكل ذبيحته؛ لأنه تارك للتسمية للعذر كالناسي.

  وأما العبد الآبق والأغلف الذي لم يترك الختان استباحة واستحلالاً فهما مرتكبان⁣(⁣٢) معصية، وغاية حال معصيته أن تكون فسقاً، ولا تبلغ الكفر، والفسق لا يخرج الفاسق من الملة، ولهذا يرث ويورث وتصح مناكحته، فجاز أكل ذبيحته؛ لأنه من أهل الملة، وممن تجري عليه أحكام الإسلام له وعليه، وهذا مما لا خلاف فيه بين العلماء، وإن كانت قد ذهبت طائفة من أصحابنا أنه لا يجوز أكل ذبيحة الفاسق، وهو غير محكي عن العلماء، ولا وجه له، ولأن الفاسق إذا صحت صلاته وصيامه وحجه ونكاحه فذبيحته أجوز؛ دليله البر التقي لما صحت صلاته وعباداته ونكاحه حلت ذبيحته، وروي أن أمير المؤمنين # سأله رجل فقال له: يا أمير المؤمنين، أرأيت قومنا أمشركون هم؟ يعني أهل القبلة، قال: (لا⁣(⁣٣) والله ما هم بمشركين، ولو كانوا مشركين ما حلت لنا مناكحتهم، ولا⁣(⁣٤) ذبائحهم، ولا موارثتهم، ولكنهم كفروا بالأحكام، وكفروا بالنعم والأعمال، وكفرونا، وكفر النعم والأحكام غير كفر الشرك)⁣(⁣٥) فدل ذلك على جواز⁣(⁣٦) أكل ذبيحة من لم تبلغ معصيته الشرك.


(١) الأحكام (٢/ ٣٠٥) والمنتخب (٢٢٤).

(٢) في (أ، ج) بدل «فهما مرتكبان»: فعصى.

(٣) «لا» ساقط من (ب، د، هـ).

(٤) «مناكحتهم ولا» ساقط من (ب، د، هـ).

(٥) أخرجه الإمام الناصر # في البساط (١٠٠).

(٦) «جواز» ساقط من (أ، ب، ج، د).