باب القول في الذبائح
مسألة: [في ذبيحة الكفار]
  قال: ولا يجوز أكل ذبيحة أحد من الكفار ذمياً كان أو غيره(١).
  والمشهور عن زيد بن علي أنه كان يجيز ذبيحة اليهودي والنصراني، وهو المروي عن جعفر، وبه قال سائر العلماء، وقال القاسم ويحيى والناصر $: لا تجوز ذبائحهم، وهو الأصح.
  والأصل فيه قول الله ø: {يَٰأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِۖ ١} ... إلى قوله: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ}[المائدة: ٤]، فعلق الإباحة بتذكية المسلمين، فلم يجز أن يدخل فيه اليهود والنصارى.
  فإن قيل: فقد قال الله تعالى: {اِ۬لْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ اُ۬لطَّيِّبَٰتُ وَطَعَامُ اُ۬لذِينَ أُوتُواْ اُ۬لْكِتَٰبَ حِلّٞ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلّٞ لَّهُمْ}[المائدة: ٦].
  قيل له: اسم الطعام إذا أطلق لم تعرف به الذبائح، ألا ترى أن سوق القصابين لا يعرف بسوق الطعام؟ فلا يجب أن تحمل الآية على ذبائحهم. على أنه ø أحل طعام أهل الكتاب(٢) في هذا القبيل من الإضافة والإضافة إذا أطلقت إضافة الملك(٣)، وهذا ليس هو موضع الخلاف؛ لأن المذبوح يكون ملكاً لهم وذبيحة لنا فيجوز أكله، ويكون ملكاً لنا وذبيحة لهم فلا يجوز أكله.
  فإن قيل: هذا(٤) يمنع أن تكون للآية فائدة.
  قيل له: لا يمنع من ذلك؛ لأن الفائدة فيها بيان أنه يجوز لنا أن نطعمهم إذا شئنا ونأكل من طعامهم، وأنه لا يجب ترك مؤاكلتهم، ألا ترى أنه تعالى بين أن طعامنا أيضاً حل لهم، ولا فائدة فيه أكثر من أنه بين أنه يحل لنا إطعامهم(٥)؛ لأنه
(١) الأحكام (٢/ ٢٩٥) والمنتخب (٢٢١).
(٢) في (هـ): طعام الذين أوتوا الكتاب.
(٣) في (أ، ج): وهذا القبيل من الإضافة إذا أطلقت تفيد إضافة الملك.
(٤) في (ب، د، هـ): فهذا.
(٥) في (أ، ج): طعامهم.