باب القول في الذبائح
  فإن قيل: فحقن الدم قد استوى فيه المسلم والذمي وإن كان يعتبر فيه الدين.
  قيل له: لم يستويا فيه؛ لأن الذمي محقون الدم على عوض يبذله، وهي الجزية، وكذلك نقول في الدية: إنه(١) لا يراعى فيها مع حقن الدم الدين إذا لم يكن إلى مدة؛ فلذلك ساوت دية المسلم دية الذمي.
  قال: ومن جازت مناكحته جاز أكل ذبيحته(٢).
  وإنما المراد به إذا جاز للمسلم مناكحته(٣)، وهذا في الذمي، وقد مضى الكلام فيه.
مسألة: [فيمن سرق شاة فذبحها]
  قال: ومن سرق شاة فذبحها بغير إذن صاحبها لم يحل له أكلها، فإن رضي صاحبها [بعد ذبحها] حل بعد ذلك أكلها(٤).
  وهذا يدل على أن من مذهبه أن الغاصب لا يحل له الانتفاع بالمغصوب وإن ضمنه بالغصب أو ملكه بالاستهلاك حتى يرضى صاحبه.
  والأصل فيه: ما روي أن النبي ÷ قدمت إليه شاة ليأكلها فقال: «إنها لا تسيغني»، قالوا: إنها شاة فلان أخذناها لنرضيه من ثمنها، فامتنع من أكلها، وقال: «أطعموها الأسرى».
  وقوله: «فإن رضي صاحبها بعد ذلك حل له أكلها» دليل على جواز أكل ذبيحة الفاسق، خلافاً لما يذهب إليه جهال أصحابنا.
(١) في (ب): لأنه.
(٢) الأحكام (٢/ ٣٠٥) والمنتخب (٢٢٤).
(٣) «مناكحته» ساقط من (ب، د، هـ).
(٤) الأحكام (٢/ ٣٠٨).