شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الذبائح

صفحة 401 - الجزء 6

  لو أراد بيان الحكم لهم لم تكن فيه فائدة؛ لأنهم لا يقبلون شرعهم من كتابنا، ولا التباس في أن ذبائحنا تحل لهم، فكانت الفائدة ما قلنا.

  ومن أصحابنا من حمل الآية على أن المراد بها الذين كانوا من أهل الكتاب ثم آمنوا، وهو لا يمتنع أن يطلق فيهم أنهم أهل الكتاب، كما قال الله ø: {مِّنْ أَهْلِ اِ۬لْكِتَٰبِ أُمَّةٞ قَآئِمَةٞ يَتْلُونَ ءَايَٰتِ اِ۬للَّهِ ءَانَآءَ اَ۬ليْلِ}⁣[آل عمران: ١١٣]، وقال: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ اِ۬لْكِتَٰبِ لَمَنْ يُّؤْمِنُ بِاللَّهِ ...} الآية [آل عمران: ١٩٩]، فكانت الفائدة حثاً للمسلمين على موادتهم ومخالطتهم⁣(⁣١) ومؤاكلتهم إذا آمنوا.

  ولا خلاف أن الوثني لا يجوز أكل ذبيحته، وكذلك عامة العلماء يذهبون إلى أنه لا يجوز أكل ذبيحة المجوس، فكذلك⁣(⁣٢) ذبيحة اليهود والنصارى، والعلة أنها ذبيحة كافر، ويمكن أن يعلل بأنه لا يرث المسلم ولا يرثه المسلم مع كونه وارثاً وموروثاً⁣(⁣٣). على أن الذبائح لا خلاف أنه يراعى فيها حكم الأديان⁣(⁣٤)، فوجب ألا يستوي فيها حال المسلم واليهودي والنصراني كالشهادات، ألا ترى أن شهادات⁣(⁣٥) اليهود وإن قبلت لم تقبل على المسلمين، وكذلك النكاح؛ لأن عندنا لا تجوز مناكحتهم، وعندهم يجوز لنا أن ننكح إليهم ولا يجوز أن ننكحهم، فلم تحصل المساواة، فوجب أن يكون ذلك حكم الذبائح، فإذا⁣(⁣٦) لم تحصل المساواة فلا قول إلا قول من يمتنع من أكل⁣(⁣٧) ذبائحهم.


(١) في (أ، ب، ج، هـ): ومخاطبتهم.

(٢) في (أ، ج): وكذلك.

(٣) في (ب، د، هـ): وارثاً موروثاً.

(٤) إذ لا خلاف في أن بعض أهل الأديان لا تؤكل ذبائحهم لشيء يرجع إلى دينهم. (شرح القاضي زيد).

(٥) في (ب، د، هـ): شهادة.

(٦) في (ب، د، هـ): وإذا.

(٧) «أكل» ساقط من (ب، د).