كتاب الصيد والذبائح
  فإن قيل: لو كانت التسمية شرطاً في جواز الذبيحة لاستوى فيها العامد والناسي.
  قيل له: ليس يمتنع اختلاف حكم العمد والسهو في كثير من المواضع؛ لأن عندنا أن التسمية شرط في صحة الوضوء، ويختلف فيها حكم العامد والناسي، وترك الكلام شرط في صحة الصلاة، ويختلف فيه حكم العامد والناسي عند الشافعي.
  فإن قيل: روي عن عائشة أنه قيل: يا رسول الله، إن قوماً عهدهم بالجاهلية حديث، يأتوننا بلحمان لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لم يذكروا، فنأكل منها؟ فقال رسول الله ÷: «كلوا وسموا»(١)، فأباح أكله وإن لم يعلموا وجود التسمية عند الذبح.
  قيل له: هذا الخبر هو حجتنا؛ لأن القوم لولا أنهم علموا أن التسمية شرط في الذبيحة لم يسألوا رسول الله ÷ عن ذلك، وإنما أباح لهم على حمل أمور المسلمين على الصحة وعلى ما يجوز، لهذا نقول نحن بجواز أكل ذبيحة المسلم ما لم نعلم أنه ترك التسمية عامداً.
  وهذه مسألة طريقها الآية والأثر، والقياس فيها يضعف، وقيل: إن الذبح مقيس على الصلاة بعلة أنه ذو أفعال متغايرة يختلف فيها حكم أهل الأديان، فيجب أن يكون الذكر شرطاً في صحته.
  قالوا: ولا يلزم عليه الصوم؛ لأنه ليس بذي أفعال متغايرة.
  وقيل: إنه يقاس على ذبيحة من أهل لغير الله، والمعنى أنه ترك التسمية عمداً.
  فأما الناسي فتؤكل ذبيحته عندنا وعند أبي حنيفة.
(١) كذا في المخطوطات، ولعلها: «سموا وكلوا» كما في كتب الحديث.
(*) أخرجه البخاري (٧/ ٩٢) وأبو داود (٢/ ٣٠٩).