شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الصيد والذبائح

صفحة 415 - الجزء 6

  فإن قيل: فقد روي في حديث أبي خالد الأحمر⁣(⁣١)، عن مجالد [عن أبي الوداك عن أبي سعيد] أن النبي ÷ قال في الجنين: «كلوه إن شئتم، فذكاته ذكاة أمه»⁣(⁣٢).

  قيل له: هذه اللفظة لم يذكرها غير أبي خالد، ويحتمل أن يكون أبو خالد رواه على المعنى عنده.

  وأيضاً الجنين مما له في نفسه ذكاة إذا قدر عليها، فإذا وجد ميتاً من غير ذبح ولا جراحة فيجب أن يحرم أكله كسائر البهائم إذا ماتت موقوذة أو متردية، أو ماتت حتف أنفها.

  وأيضاً وجدنا ذكاة البهائم على وجهين:

  إما النحر أو الذبح فيما يتمكن منه، أو الجراحة فيما لا⁣(⁣٣) يتمكن منه، والجنين ليس له واحدة منهما، فوجب أن يحرم أكله كسائر البهائم والطيور.

  فإن قيل: فإنه مات بما كان منا من ذبح أمه، فيجب أن يجزئ إذا لم يقدر على غيره، كما قلنا في الناد من البعير والبقر أو المتردي في البئر إذا لم يقدر فيها على الذبح فجرحت.

  قيل له: وكل ما ذكرت إذا لم يقدر فيها على الذبح أو النحر أو الجرح لم يحل أكله، فكذلك الجنين، على أنا نجوز أن يكون مات حتف أنفه لا بسبب ما فعلناه بالأم، فيجب ألا يحل أكله، كالصيد إذا وجد ميتاً وبه جراح وشككنا أن ذلك الجرح كان بسبب الرمي أو عض الكلب المرسل عليه لم يجز أكله.

  فأما من شبهه بعضو من أعضاء أمه فقد أبعد؛ لأن من ضرب بطن امرأة فألقت جنينها وماتت لزمته مع الدية الغرة، وليس كذلك حكم العضو إذا أبان


(١) في المخطوطات: الأصم. وهو تصحيف.

(٢) أخرجه أبو داود (٢/ ٣٠٨) وابن ماجه (٢/ ١٠٦٧).

(٣) في (هـ): لم.