باب القول في الأضاحي
مسألة: [في وقت ذبح الأضحية]
  قال: ومن ذبح قبل أن ينصرف الإمام لم تجز أضحيته، إلا أن يصلي الرجل وحده فيجزئه أن يذبح إذا صلى(١).
  وقال أبو حنيفة: لا يجزئه إلا بعد صلاة الإمام. قال الشافعي: إذا مضى الوقت الذي يجوز أن يصلي فيه مع خطبتين خفيفتين جازت الأضحية. وحكي عن قوم أنها لا تجزئ حتى يذبح الإمام.
  والأصل في ذلك قول الله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْۖ ٢}[الكوثر]، فرتب النحر على الصلاة، وعندنا وعند الشافعي أن الواو في الشرع توجب الترتيب، فيجب أن يكون النحر مرتباً على الصلاة.
  وحديث أبي بردة أنه لما ذبح قبل الصلاة قال له النبي ÷: «شاتك شاة لحم»، وأمره بالإعادة.
  وروى ذلك زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي $ عن النبي ÷. وهذا أيضاً يحج الشافعي؛ لأنه ÷ لم يعتبر الوقت، وإنما اعتبر الصلاة، وكذلك لم يعتبر ما كان منه في التضحية، فحج ذلك أيضاً من قال: إنها لا تجزئ إلا بعد تضحية الإمام.
  وفي حديث جابر أن رسول الله ÷ صلى بالناس يوم النحر، فلما فرغ من خطبته وصلاته دعا بكبش فذبحه هو بنفسه(٢). فكل ذلك يدل على أنه مرتب على الصلاة، فإذا كان للرجل إمام يصلي به لم تجزه الأضحية إلا بعد صلاة إمامه، وإن لم يكن له إمام وكان يصلي وحده فيجب ألا تجزئه إلا بعد صلاته؛ لأن تعليق أفعاله بعضها على بعض أولى من تعليقها على فعل غيره، فيجب أن يكون المعتبر بصلاة المضحي دون صلاة الإمام. وأيضاً لا خلاف أنه إذا صلى مع
(١) المنتخب (٢٢٦).
(٢) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٩/ ٤٤٣) والطحاوي في شرح معاني الآثار (٤/ ١٧٧).