باب القول في الأضاحي
  تكلمنا فيه في كتاب الحج، وأوردنا ما ورد فيه من الأخبار، وما فيه من الاستدلال من جهة النظر، فلا وجه لإعادته.
  وأما إجزاء الشاة عن ثلاثة فالأصل فيه ما روي عن علي بن الحسين، عن أبي رافع، أن رسول الله ÷ كان إذا ضحى اشترى كبشين عظيمين أملحين، فإذا خطب بالناس وصلى أتي بأحدهما فذبحه بيده، ثم قال: «اللهم إن هذا عن أمتي، جميع(١) من شهد لك بالتوحيد، ولي بالبلاغ»، ثم يؤتى بالآخر فيذبحه، ثم يقول: «اللهم إن هذا عن محمد وآل محمد»(٢).
  وروي نحو ذلك عن جابر عن النبي ÷، وعن عائشة(٣).
  وعن أبي سعيد الخدري عن النبي ÷ أنه ضحى بكبش أقرن ثم قال: «اللهم إن هذا عني وعمن لم يضح من أمتي»(٤).
  فدلت هذه الآثار على أن الشاة تجزئ عن أكثر من واحد، ولم يقدر فيه أحد أكثر من الثلاثة، فوجب أن تجزئ عن ثلاثة، ويكون ما فوقه منسوخاً، على أنه قد ثبت أن الجزور والبقرة يجزئان عن أكثير من واحد [فوجب أن تجزئ الشاة عن أكثر من واحد](٥)، والعلة أنها أضحية، فكل أضحية يجب أن تجزئ عن أكثر من واحد.
  فإن قيل: فما وجه اجتهادكم في(٦) قصرها على ثلاثة(٧) أنفس؟
(١) «جميع» ساقط من (ب، د، هـ).
(٢) أخرجه أحمد في المسند (٤٥/ ١٦٨) والطحاوي في شرح معاني الآثار (٤/ ١٧٧)، وفيهما: عن أمتي جميعاً.
(٣) شرح معاني الآثار (٤/ ١٧٧).
(٤) أخرجه أحمد في المسند (١٧/ ١٠٣) والطحاوي (٤/ ١٧٨).
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د، هـ).
(٦) في (أ، ب، ج، د): من.
(٧) في (هـ): ثلاث.