باب القول في الأضاحي
  وما ذهبنا إليه مروي عن عدة من الصحابة: علي، وعمر، وابن عمر، وأبي هريرة، وابن عباس، وأنس(١).
  وروى زيد بن علي عن أبيه، عن جده، عن علي $ قال: (أيام النحر ثلاثة أيام: يوم العاشر من ذي الحجة، ويومان بعده)(٢)، وإذا روي ذلك عن علي وعن نفر من الصحابة ولم يرو عن أحد منهم خلاف ذلك كان ذلك جارياً مجرى الإجماع. واستدل على ذلك بما روى أبو عبيد(٣) مولى عبدالرحمن أنه سمع علياً # يوم الأضحى يقول: (أيها الناس، إن النبي ÷ نهاكم أن تأكلوا نسككم بعد ثلاث، فلا تأكلوها [بعدها])(٤)، فدل هذا الخبر على أمرين:
  أحدهما: تحريم أكل الأضحية بعد الثلاث من يوم الأضحى.
  والثاني: أن أيام ذبح الأضحية هي هذه الثلاثة الأيام؛ لأنه إن ذبحت بعدها(٥) فلا محالة يكون أكل لحمها بعد الثلاث محرماً. فلما نسخ تحريم الأكل بقي ما اقتضاه الخبر من الحكم الثاني(٦)، وهو كون أيام الذبح ثلاثاً.
  فإن قيل: كيف تقول ذلك بعد النبي ÷ والمروي أن علياً # قال هذا وعثمان محصور؟
  قيل له: ذلك محمول على أنه # قال ذلك على وجه الحكاية لما كان في أول الإسلام، وقوله: (فلا تأكلوها) تقديره أنه ÷ كان قبل النسخ قال لكم ألا تأكلوها. والأخبار كثيرة في نهي النبي ÷ قبل النسخ عن أكل لحوم
(١) الموطأ (٣/ ٦٩٥) والسنن الكبرى للبيهقي (٩/ ٥٠٠، ٥٠١).
(٢) مجموع الإمام زيد بن علي @ (١٦٩).
(٣) في المخطوطات: عبيدة. والمثبت هو الصواب كما في كتب الحديث.
(٤) أخرجه الطحاوي (٤/ ١٨٤) ونحوه البخاري (٧/ ١٠٣) ومسلم (٣/ ١٥٦٠).
(٥) لفظ شرح مختصر الطحاوي (٧/ ٣٣٢): لأنه إذا كان منهياً عن تبقية اللحم أكثر من ثلاث - والذبح لا محالة قبل ذلك - علمنا أن الذبح مقصور على الثلاث.
(٦) «الثاني» ساقط من (ب، د، هـ).