شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الأضاحي

صفحة 440 - الجزء 6

  وما ذهبنا إليه مروي عن عدة من الصحابة: علي، وعمر، وابن عمر، وأبي هريرة، وابن عباس، وأنس⁣(⁣١).

  وروى زيد بن علي عن أبيه، عن جده، عن علي $ قال: (أيام النحر ثلاثة أيام: يوم العاشر من ذي الحجة، ويومان بعده)⁣(⁣٢)، وإذا روي ذلك عن علي وعن نفر من الصحابة ولم يرو عن أحد منهم خلاف ذلك كان ذلك جارياً مجرى الإجماع. واستدل على ذلك بما روى أبو عبيد⁣(⁣٣) مولى عبدالرحمن أنه سمع علياً # يوم الأضحى يقول: (أيها الناس، إن النبي ÷ نهاكم أن تأكلوا نسككم بعد ثلاث، فلا تأكلوها [بعدها])⁣(⁣٤)، فدل هذا الخبر على أمرين:

  أحدهما: تحريم أكل الأضحية بعد الثلاث من يوم الأضحى.

  والثاني: أن أيام ذبح الأضحية هي هذه الثلاثة الأيام؛ لأنه إن ذبحت بعدها⁣(⁣٥) فلا محالة يكون أكل لحمها بعد الثلاث محرماً. فلما نسخ تحريم الأكل بقي ما اقتضاه الخبر من الحكم الثاني⁣(⁣٦)، وهو كون أيام الذبح ثلاثاً.

  فإن قيل: كيف تقول ذلك بعد النبي ÷ والمروي أن علياً # قال هذا وعثمان محصور؟

  قيل له: ذلك محمول على أنه # قال ذلك على وجه الحكاية لما كان في أول الإسلام، وقوله: (فلا تأكلوها) تقديره أنه ÷ كان قبل النسخ قال لكم ألا تأكلوها. والأخبار كثيرة في نهي النبي ÷ قبل النسخ عن أكل لحوم


(١) الموطأ (٣/ ٦٩٥) والسنن الكبرى للبيهقي (٩/ ٥٠٠، ٥٠١).

(٢) مجموع الإمام زيد بن علي @ (١٦٩).

(٣) في المخطوطات: عبيدة. والمثبت هو الصواب كما في كتب الحديث.

(٤) أخرجه الطحاوي (٤/ ١٨٤) ونحوه البخاري (٧/ ١٠٣) ومسلم (٣/ ١٥٦٠).

(٥) لفظ شرح مختصر الطحاوي (٧/ ٣٣٢): لأنه إذا كان منهياً عن تبقية اللحم أكثر من ثلاث - والذبح لا محالة قبل ذلك - علمنا أن الذبح مقصور على الثلاث.

(٦) «الثاني» ساقط من (ب، د، هـ).