باب القول في الأطعمة
مسألة: [في أكل لحوم الجلالة وما وقعت فيه الخنفساء]
  قال: ولا بأس بأكل لحوم الجلالة من البقر والغنم والطير إذا كانت تعتلف من الأعلاف والمراعي أكثر مما تجل، ويستحب لمن أراد أكلها أن يحبسها أياماً حتى تطيب أجوافها(١).
  قوله: لا بأس بأكلها على اشتراط أن تعتلف من الأعلاف والمراعي أكثر مما تجل تنبيه على أنه يكره أكلها إذا لم تأكل غير العذرة، وبه قال أبو حنيفة، وحكي أن مذهب الشافعي فيها على هذا التفصيل، وحكي عن مالك أنه لا بأس بها.
  ووجه ذلك: ما روي عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي ÷ نهى عن أكل الجلالة. ولأن أكل العذرة إذا كثر وزاد على أكل ما سواها تظهر رائحتها على اللحم على وجه الامتزاج والاختلاط، فتشبه الماء الذي تغلب عليه رائحة النجاسة على وجه الامتزاج والاختلاط، ويكون لها تغليب حكم(٢) النجاسة عليها لظهور رائحتها وإن كانت عين النجاسة غير(٣) قائمة.
  فأما إذا حبست أياماً حتى تطيب أجوافها فلا خلاف في جواز أكلها؛ لأن السبب المانع يكون زائلاً، وكذلك إذا كان أكلها للعذرة أقل لا يكون به اعتبار؛ لأن عامة البهائم والطيور لا تكاد تسلم من ذلك أو مما(٤) يجري مجراه من الخبائث.
  قال: وإذا وقع في الطعام الخنفساة أو الذباب فليخرج منه وليؤكل الطعام(٥).
  وهذا قد بينا ما ورد فيه من الأثر.
(١) الأحكام (٢/ ٣١٦).
(٢) في (هـ): حكم تغليب.
(٣) «غير» ساقط من (ب، د، هـ).
(٤) في (ب، د): ما.
(٥) الأحكام (٢/ ٣١٣) والمنتخب (٢٢٧).