شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الصيد والذبائح

صفحة 467 - الجزء 6

  قيل له: التقدير إذا ضمت هذه الأدلة إلى قوله: «الخمر من هاتين الشجرتين» كأنه ÷ قال: الخمر من هاتين الشجرتين ومن كذا وكذا.

  فإن قيل: روي عنه ÷ أنه قال: «حرمت الخمر بعينها، والسكر من كل شراب»⁣(⁣١).

  قيل له: إذا ثبت أن جميع ما ذكرنا خمر بالأدلة التي بيناها فتأويل الخبر أنه ÷(⁣٢) أعاد ذكر بعض ما اشتمل عليه اللفظ الأول للبيان، فإن ذلك يفعله أهل اللغة لأغراض، ومثله قد وجد في القرآن، نحو قوله تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَيٰ نُوحٖ ...} الآية [النساء: ١٦٢]، وكقوله تعالى: {مَن كَانَ عَدُوّاٗ لِّلهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ وَرُسُلِهِۦ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَٰٓئِلَ}⁣[البقرة: ٩٧]، فأعاد ذكر إبراهيم ومن بعده بعد ذكر النبيين، وأعاد ذكر جبريل وميكائيل بعد ذكر الملائكة، وقال ø أيضاً: {فِيهِمَا فَٰكِهَةٞ وَنَخْلٞ وَرُمَّانٞۖ ٦٧}⁣[الرحمن]، والنخل والرمان عندنا من الفاكهة، ونظائر ذلك كثيرة. ويحتمل أن يكون المراد به ما أسكر من كل شراب، فبين أن الخمر محرمة بعينها لا يجب أن يطلب شيء من أحوالها، ومن سائر الأشربة يحرم ما يكون⁣(⁣٣) مسكراً؛ ليكون ذلك موافقاً لسائر ما روي.

  فإن قيل: لو كانت هذه الأنبذة من الخمر لكفر من استحل شربها.

  قيل له: من استحل شرب تلك الخمر المخصوصة كفر؛ لأنا عرفنا تحريمها من دين النبي ÷ ضرورة، [ومن استحل ما هذا سبيله كفر؛ لأنه يكون مكذباً للنبي ÷]⁣(⁣٤)، وسائر الأنبذة علمنا تحريمها من جهة النظر والاجتهاد، فلم يجب أن يكفر مستحلها وإن كان اسم الخمر يجمعها، ألا ترى


(١) أخرجه العقيلي في الضعفاء (٢/ ٣٢٤) وأخرجه النسائي (٨/ ٣٢١) موقوفاً على ابن عباس.

(٢) «أنه ÷» ساقط من (ب).

(٣) في (هـ): كان.

(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د، هـ).