شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يلزم الإمام للأمة ويلزمهم له

صفحة 492 - الجزء 6

  وفي حديث طويل أن رسول الله ÷ ذكر حال بني إسرائيل وإغضاءهم عن المنكر فتلا قوله تعالى: {لُعِنَ اَ۬لذِينَ كَفَرُواْ مِنۢ بَنِے إِسْرَآءِيلَ} ... إلى قوله: {وَلَٰكِنَّ كَثِيراٗ مِّنْهُمْ فَٰسِقُونَۖ ٨٣}⁣[المائدة]، وكان رسول الله ÷ متكئاً، فاستوى جالساً وقال: «لا والذي نفسي بيده حتى تأخذوا على يد الظالم فتأطروه على الحق أطراً»⁣(⁣١).

  وروي أنه ÷ قال: «لا يحل لعين ترى الله يعصى فتطرف حتى تغيره»⁣(⁣٢).

  والمعروف ينقسم قسمين: فرض، وندب، فالأمر بالفرض فرض، والأمر بالندب ندب، والنهي عن المنكر كله واجب بحسب الإمكان.

  وجملة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قسمان: فقسم يلزم الكافة بحسب الإمكان، وقسم يلزم الأئمة ومن يقوم مقامهم.

  فأما ما يلزم الكافة فهو المنع من المناكير الظاهرة، كالظلم، وشرب الخمر، والزنا والسعي في الأرض بالفساد، وما جرى مجرى ذلك، والحمل على الواجبات⁣(⁣٣)، وما لزم على الكافة من ذلك كان للإمام ألزم؛ لأنه أحدهم، ولأنه المنصوب لمصالح الأمة، وأعظم مصالح الأمة يتعلق بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

  والقسم الثاني الذي يختص بالأئمة ومن يقوم مقامهم: سماع الشهادات، وتنفيذ الأحكام، واستيفاء الحقوق ممن لزمته، ووضعها في أهلها، وتولي الأيتام الذين لا أوصياء لهم، والنظر في الوقوف، وتجييش الجيوش، وما أشبه ذلك من


(١) أخرجه الترمذي (٥/ ١٠٣) وابن ماجه (٢/ ١٣٢٧).

(٢) أخرجه محمد بن منصور في الأمالي (٤/ ٢٦٨).

(٣) يعني الأمر بها، ويمكن أن يبقى على ظاهره - وهو الإكراه على فعل الواجبات - ويكون هذا مذهب المؤيد بالله #. (من هامش هـ).