باب القول فيما يلزم الإمام للأمة ويلزمهم له
  في الفيء، ومن امتنع من بيعة الإمام يكون قد أخرج نفسه من نصرة الإسلام والمسلمين، فوجب ألا يكون له حظ في الفيء، كأعراب المسلمين والمقيمين منهم في دار الحرب.
  فإن قيل: ما تنكرون على من قال لكم: إن هذا كان في وقت وجوب الهجرة، والآن قد نسخ وجوبها؟
  قيل له: قد دل قوله ÷: «إلا أن يجاهدوا مع المسلمين» على أن الغرض في ذلك هو النصرة والجهاد، ووجوبهما باق وإن(١) سقط وجوب الهجرة، فيجب أن يكون الحكم المتعلق بهما باقياً، وهو حرمان الفيء لمن أخرج نفسه عنهما.
  فإن قيل: روي عن عمر أنه قال: ما أحدٌ إلا وله حق في هذا المال أعطيه أو منعه، وما أحد أحق به من الآخر إلا عبد مملوك(٢).
  قيل له: يجوز أن يكون أراد به أهل النصرة والجهاد، ليكون ذلك ملائماً لما روي عن النبي ÷، وروي عن علي # أنه قال لبعض الخوارج بالكوفة: (أما إن لكم علينا ثلاثاً ما كانت لنا عليكم ثلاث: لا نمنعكم الصلاة في مسجدنا ما كنتم على ديننا، ولا نبدؤكم بالمحاربة حتى تبدؤونا، ولا نمنعكم نصيبكم من الفيء ما كانت أيديكم مع أيدينا) ذكر ذلك في الأحكام.
  قال: ومن ثبط غيره عن بيعته وجب تأديبه، فإن انتهى وإلا حبس أو نفي من مدن المسلمين(٣).
  وذلك لقول الله ø: {۞لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ اِ۬لْمُنَٰفِقُونَ وَالذِينَ فِے قُلُوبِهِم مَّرَضٞ ...} الآية، [الأحزاب: ٦٠] والإرجاف من التثبيط؛ لأنه يكون قد بالغ في مشاقة
(١) في (ب، د، هـ): فإن.
(٢) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٥٧١، ٥٧٢).
(٣) الأحكام (٢/ ٣٧٢).