شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يلزم الإمام للأمة ويلزمهم له

صفحة 499 - الجزء 6

  في الفيء، ومن امتنع من بيعة الإمام يكون قد أخرج نفسه من نصرة الإسلام والمسلمين، فوجب ألا يكون له حظ في الفيء، كأعراب المسلمين والمقيمين منهم في دار الحرب.

  فإن قيل: ما تنكرون على من قال لكم: إن هذا كان في وقت وجوب الهجرة، والآن قد نسخ وجوبها؟

  قيل له: قد دل قوله ÷: «إلا أن يجاهدوا مع المسلمين» على أن الغرض في ذلك هو النصرة والجهاد، ووجوبهما باق وإن⁣(⁣١) سقط وجوب الهجرة، فيجب أن يكون الحكم المتعلق بهما باقياً، وهو حرمان الفيء لمن أخرج نفسه عنهما.

  فإن قيل: روي عن عمر أنه قال: ما أحدٌ إلا وله حق في هذا المال أعطيه أو منعه، وما أحد أحق به من الآخر إلا عبد مملوك⁣(⁣٢).

  قيل له: يجوز أن يكون أراد به أهل النصرة والجهاد، ليكون ذلك ملائماً لما روي عن النبي ÷، وروي عن علي # أنه قال لبعض الخوارج بالكوفة: (أما إن لكم علينا ثلاثاً ما كانت لنا عليكم ثلاث: لا نمنعكم الصلاة في مسجدنا ما كنتم على ديننا، ولا نبدؤكم بالمحاربة حتى تبدؤونا، ولا نمنعكم نصيبكم من الفيء ما كانت أيديكم مع أيدينا) ذكر ذلك في الأحكام.

  قال: ومن ثبط غيره عن بيعته وجب تأديبه، فإن انتهى وإلا حبس أو نفي من مدن المسلمين⁣(⁣٣).

  وذلك لقول الله ø: {۞لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ اِ۬لْمُنَٰفِقُونَ وَالذِينَ فِے قُلُوبِهِم مَّرَضٞ ...} الآية، [الأحزاب: ٦٠] والإرجاف من التثبيط؛ لأنه يكون قد بالغ في مشاقة


(١) في (ب، د، هـ): فإن.

(٢) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٥٧١، ٥٧٢).

(٣) الأحكام (٢/ ٣٧٢).