باب القول في التيمم
  وترابها طهوراً، قال الله تعالى: {فَلَمۡ تَجِدُواْ مَآءٗ فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدٗا طَيِّبٗا}[المائدة: ٦]»(١)، فأطلق ÷ ذلك ولم يستثن مقيماً من مسافر.
  وروى أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا محمد بن فُضَيْل، عن أبي مالك الأشجعي، عن رِبْعي، عن حذيفة، قال: قال رسول الله ÷: «جعلت تربتها لنا طهوراً إذا لم نجد الماء»(٢) يعني: الأرض.
  وروى ابن أبي شيبة، قال: حدثنا ابن عُلَيَّة، عن أيوب، عن أبي قِلَابَة، عن رجل من بني عامر، عن أبي ذر، عن النبي ÷ قال: «الصعيد الطيب طهور لمن لم يجد الماء ولو إلى عشر حجج، فإذا وجدت الماء فأمسسه بشرتك»(٣).
  فعلق ÷ الحكم بعدم الماء دون المقام والسفر.
  فإن قيل: فإن الله تعالى علق جواز التيمم مع عدم الماء بالسفر.
  قيل له: إنما ذكر سبحانه السفر كما ذكر جملة من الأحداث، ولم يدل ذلك على أنه لا يجوز في غير السفر، كما لا يدل على(٤) أنه لا يجزي من سائر الأحداث، وإنما ذكر السفر لان عدم الماء في غالب الأحوال يكون في السفر، والآية تقتضي جوازه في السفر، وليس فيها ذكر المنع من الإجازة في الحضر، وعموم ما رويناه عمن رواه عن النبي ÷ يقتضي جوازه في السفر والحضر.
  ومما يدل على ذلك: أنه لا خلاف في أن المسافر إذا عدم الماء يجوز له التيمم، فكذلك الحاضر، والعلة عدم الماء، بدلالة أن المسافر إذا وجد الماء لم يجز له التيمم، وإذا عدمه جاز ذلك، فعلم أن الحكم تعلق بعدم الماء، على أن هذه العلة
(١) مجموع الإمام زيد بن علي # (٧٠)، وأمالي أحمد بن عيسى (١/ ٣٢)، ولفظهما: «جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً».
(٢) مصنف ابن أبي شيبة (١/ ١٤٤).
(٣) مصنف ابن أبي شيبة (١/ ١٤٤).
(٤) «على» ساقط من (ب، ج).